وبما جرى به قلم الأقلام بغير كف ولا إبهام، وبأسمائك العظام، وبحججك على جميع الأنام عليهم منك أفضل السلام، وبما استحفظتهم من أسمائك الكرام أن تصلي عليهم وترحمنا في شهرنا هذا وما بعده من الشهور والأيام، وان تبلغنا شهر الصيام في عامنا هذا وفي كل عام، يا ذل الجلال والاكرام والمنن الجسام، وعلى محمد وآله منا أفضل السلام. (1).
فصل (13) فيما نذكره مما ينبغي أن يكون العارف عليه من المراقبات، في أول ليلة من شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويات المكرمات اعلم أن هذه الليلة موسم جليل المقام جزيل الانعام، أراد الله جل جلاله من عباده ان يطيعوه في مراده، بإحيائها بعباداته وطلب اسعاده وانجاده وارفاده وهباته، فاذكر لو أن ملك زمانك أحضرك وأطلق عنان امكانك في أن تكون ليلة من عدة شهور حاضرا فيها بين يديه، لتطلب منه ما تحتاج إليه، وتكون أنت فقيرا في كل أمورك إليه، كيف كنت تكون مع ذلك السلطان، فاجعل حالك مع الله جل جلاله في هذه الليلة على نحو ذلك الاجتهاد، بغاية الامكان.
ولا تكن حرمة الله جل جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من خدمته وعرض عليك من نعمته، دون عبد من عباده، وارحم نفسك ان يراك فيها مهونا باتباع مراده، فكأنك قد أخرجت نفسك من حمى أمان هذا الشهر العظيم الشأن وعرضت نفسك للهوان أو الخذلان.
وقد نبهنا فيما ذكرناه في أمثال هذه الليلة التي تحيى بالعبادة على ما يستغني به عن الزيادة، فإن لم تظفر بمعناه فاعلم:
ان المراد من احيائها الذي ذكرنا، أن تكون حركاتك وسكناتك وإراداتك