الاسلام كلمة اعتقدها كافر انه قد امنه بذلك الكلام، لكان ذلك الكافر أمانا من القتل ودرعا له من دروع الاسلام والفضل، وقد تناصر ورود الروايات: (ادرؤوا الحدود بالشبهات) (1)، فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر ومعترفا بحق محمد صلوات الله عليه سيد البشر.
فصل (2) فيما نذكره من فضل أول ليلة من شهر رجب بالمعقول من الأدب فنقول: قد عرفت ان الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتفقا على أن هذه أول ليلة من شهر رجب، من الليالي الأربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيات، ومن فضل هذه الليلة ان الانسان لما خرج شهر محرم عنه، وكأنه قد فارق الأمان الذي جعله الله جل جلاله بالأشهر الحرم، واخذ ذلك الأمان منه، فإذا دخلت أول ليلة من شهر رجب المقبل عليه، فقد أنعم الله جل جلاله عليه بالأمان الذي ذهب منه، وادخله في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه.
وما يخفى عن ذوي الألباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرقاب ومفارقة ما جعلوه أمانا عند خوف العتاب أو العقاب، وبين الدخول في التشريف بالمقام في معاينة الثواب، فليكن الانسان معترفا لله جل جلاله في أول ليلة من شهر رجب بهذا الفضل الذي غير محتسب ومتمسكا بقوة هذا السبب.
واعلم أنه إذا كانت أشهر الحرم قد اقتضت في الجاهلية والاسلام ترك الحروب والسكون عن الفعل الحرام، فكيف يحتمل هذه الشهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه في شئ من الأمور، وكيف يعظم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم اضعاف ذلك بين العبد وبين مالك امره كله، فالحذر الحذر من التهوين بالله في هذه الأوقات المحرمة، وان يهتك العبد شيئا من شهورها المعظمة.