من عظيم فضلها وشرف محلها، فينبغي أن يكون المصدق لله والرسول الموافق للاقبال والقبول على قدم المراقبة طول ليلة والاعتراف لله جل جلاله بالمنة العظيمة في استصلاحه لخدمته وعبادته، ويصحبها حضور القلب (1) بين يدي الرب مشغول الخاطر والسرائر والظواهر بمجالسة مولاه، مالك الأوائل والأواخر، واجدا انس المحاضرة ولذة المحاورة وشرف المجاورة.
وإذا قرب طلوع فجرها وطئ بساط برها فيقبل على الله جل جلاله بالاخلاص ويسلم عمله إلى من كان ضيفا من أهل الاختصاص، ويتوجه بهم بالله العظيم وبمقامه (2) الكريم في أن يتمموا نقص أعماله ويعظموا مقام اقباله ويظفروه بتمام آماله.
فصل (60) فيما نذكره من اسرار استقبال يوم النصف من رجب اعلم أن هذا اليوم فيه من الاسرار واطلاق المبار وغنى أهل الأعمار وجبر أهل الانكسار ما قد تضمنه صريح الاخبار، فابسط عند استقباله كف التعرض لمواهبه ونواله، واقبل بوجهه قلبك على عظمة ربك، وانظر بعين بصيرتك إلى من رفع قدرك وأحضرك لسعادتك وأطلقك من عقال الذنوب وقيود العيوب، واذن لك في كل مطلوب وان تسأله جمع شملك بكل أمر محبوب واخلع لباس الكسالة، وأفكر انك بحضرة مالك الجلالة، وعلى مائدة ضيافة صاحب الرسالة، ولعلك لا تبلغ إلى سنة أخرى ويوم مثله، فإياك ان تفرط فيما جعلك الله أهلا ان تطلبه من فضله.
أقول: ورأيت في حديث باسناد متصل إلى ابن عباس قال:
قال آدم عليه السلام: يا رب اخبرني بأحب الأيام إليك وأحب الأوقات؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا آدم أحب الأوقات إلي يوم النصف من رجب، يا آدم تقرب إلي يوم النصف من رجب بقربان وضيافة وصيام ودعاء واستغفار وقول: لا إله الا الله،