فصل (١٠) فيما نذكره من ولادة سيدنا وجدنا الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله رسول المالك الارحم وما يفتح الله جل جلاله فيها علينا من حال معظم اعلم أن الحمل لسيدنا ومولانا رسول رب العالمين وولادته المقدسة العظيمة الشأن عند الملائكة والأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ما يقوى قلبي ولا عقلي ولا لساني ولا قلمي ولا محلي، ان أقدر على شرح فضل الله جل جلاله باختيار واظهار أنوارها، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله اشتملت ولادته الشريفة ورسالته المعظمة المنيفة على فضل من الله جل جلاله لا يبلغ وصفي إليه.
فمن ذلك: انه كان صلى الله عليه وآله قد جاء بعد مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي:
منهم من تضمن القرآن الشريف انه اصطفاه واسجد له ملائكته وجعله رسولا، ومنهم: من اتخذه الله جل جلاله خليلا، ومنهم: من سخر الله جل جلاله له الجبال، ﴿يسبحن معه بالعشي والاشراق﴾ (1)، وبلغ به غايات من التمكين، ومنهم: من أتاه من الملك ما لم يؤت أحدا من العالمين، ومنهم: من كلمه الله جل جلاله تكليما ووهبه مقاما جليلا عظيما، ومنهم: من جعله الله جل جلاله روحا من أمره، ومكنه من احياء الأموات، وبالغ في علو قدره، وغيرها.
وهؤلاء من الأنبياء والأوصياء انقضت أيامهم وأحكامهم وشرائعهم وصنائعهم، ولم يتفق لأحد منهم ان يفتح من أبواب العلوم الدينية والدنيوية، وان ينجح من أسباب الآداب الإلهية والبشرية ما بلغ إليه سيدنا محمد صلوات الله عليه، وانه بلغ بأمنيته (2) وبلغته أمته به صلوات الله عليه إلى حال يعجز الامكان والزمان عن شرح ما جرت علومه وعلومهم منه عليه السلام، وقد ملؤوا أقطار المشارق والمغارب بالمعارف وذكر