ومثال آخر أن تكون صائما مندوبا فترى صومك في بعض النهار قد أضعفك عن بعض الفروض الواجبة أو ما هو أهم من صوم المندوب، فابدء بالأهم إلى ترك الصيام، وعظم ما عظم الله جل جلاله وصغر ما صغر من شريعة الاسلام، ولا تقل: ان الذين رأوني صائما ما يعلمون عذري في الافطار، يكون صومك في ذلك النهار لأجلهم رياء وكالعبادة لهم من الذنوب الكبار.
ومنها: انه متى عرض لك صارف عن استمرار النية من الأمور الدنيوية التي ليست عذرا صحيحا عند المراضي الإلهية، فبادر إلى استدراك هذا الخطر بالتوبة والندم واصلاح استمرار نية الاخلاص في الصيام والاستغاثة بالله جل جلاله على القوة والتوفيق للتمام، فإنك متى أهملت تعجيل استدراك الاصلاح (1)، صارت تلك الأوقات المهملة سقما في تلك العبادة المرضية.
أقول: وإذا عرض لك ما يحول بينك وبين استمرار نيتك، فتذكر ان كلما ينقلك عن طاعتك فإنه كالعدو لك ولمولاك، فكيف تؤثر عدوك وعدوه عليه، وسيدك يراك، وإذا آثرت غيره عليه فمن يقوم لك بما تحتاج إليه في دنياك واخراك.
أقول: ويكون نية صومك انك تعبد الله جل جلاله به، لأنه عز وجل أهل للعبادة فهذا صوم أهل السعادة.
فصل (21) فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام وقد جعل الله جل جلاله له عوضا في شريعة الاسلام اعلم اننا كنا قد ذكرنا ونذكر فضلا عظيما لصوم شهر رجب، وليس كل أحد يقدر على الصوم لكثرة اعذار الانسان، وفي أصحاب الاعذار من يتمنى عوضا عن الصوم ليغتنم أوقات الامكان فينبغي ان نذكر ما يقوم مقام الصيام عند عدم التمكن