واتباع روح الحياة.
وابتدر 1 القوم إلى رأس طال ما قبله محمد صلوات الله عليه وعظمه، يريدون ان يسفكوا بسيف ضلالهم دمه، فذلت رقاب الكتب المنزلة لهتك حرمتها وأعولت شرائع الدين بسفك دماء أئمتها، واشتد غضب الله جل جلاله وملائكته وأنبيائه وخاصته عليهم، وقدم لهم من إنزال العذاب عليهم انه سلبهما الألطاف وتركهم صما وعميا وبكما، ونادى: يا أهل الاسماع: (- ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي (2) لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثما) (3).
فتقدموا واقدموا على التفريق بين رأس عظيم وجسد كريم يعز على الله وعلى رسوله وعلى خاصته ان يقدم أحد من الخلائق على كسر حرمته وذهاب مهجته، فمدوا إليه يدا آباؤه الطاهرون بسطوها بعد الانقباض، وأزالوا عنها يد ملوك الدنيا حتى بلغوا لها نهايات الأغراض، وجعلوا على نحره الشريف سيفا كان لجده وأبيه وله، وفي أيديهم عارية مضمونة، فسفكوا به دماء مصونة.
فكاد الاسلام ان يموت بمماته، وكل ذي روح يختار الفناء الزوال حياته، فتلقى روحه محمد جده وأبوه وأمه واخوه صلوات الله عليهم، وقد أرهقها تعب الجهاد، وأتعبها مقاساة أهل الفساد والعناد.
ففرش الله جل جلاله له فراش العنايات، وبسط لها جده محمد صلوات الله عليه وآله بساط الكرامات، واجتمعت أرواح الملأ الأعلى، فمن بين معز لسيد الأنبياء وباك لهذا الابتلاء، وبين راحم للحرم الضعيفات، ومتأسف على هتك الحرمات ودروس (4) الآيات والدلالات، وشرع الأعداء في نهب بنات الرسول وحرم البتول، ينزعون عنهن ملاحفهن وأرديتهن ومقانعهن واستارهن.