ذلك قول أبى زبيد يصف أسدا أبن عرسية عنابها أشب * ودون غايته مستورد شرع شأسي الهبوط زناء الحاميين متى * تنشع بوادره يحدث لها فزع (1)
(1) البيتان من قصيدته التي أولها من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا * أن الفؤاد إليهم شيق ولع حمال أثقال أهل الود آونة * أعطيهم الجهد منى بله ما أسع يروي أن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قال له يوما يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت انك تجيد وكان أبو زبيد الطائي هذا نصرانيا فأنشده القصيدة ووصف الأسد فقال عثمان رضي الله عنه تالله تفتؤ تذكر الأسد ما حييت والله اني لاحسبك جبانا هرابا قال كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا وشهدت منه مشهدا لا يبرح ذكره يتجدد ويتردد في قلبي ومعذور أنا غير ملوم فقال له عثمان رضي الله عنه واني كان ذلك قال خرجت في صيابة أشراف من أبناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترمى بنا المهارى باكسائها ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروط بنا السير في حمارة القيظ حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصيخد وصر الجندب وأضاف العصفور الضب في وكره وجاوره في جحره قال قائل أيها الركب غوروا بنا في دوح هذا الوادي وإذا واد قد بدى لنا كثير الدغل دائم الغلل أشجاره مغنه وأطياره مرنه فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات فأصبنا من فضلات الزاد وأتبعناها الماء البارد فانا لنصف حر يومنا ومماطلته إذ صر أقصي الخيل أذنيه وفحص الأرض بيديه فوالله ما لبث أن جال ثم حمحم فبال ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحدا فواحدا فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فعلمنا أنا قد أتينا وانه السبع ففزع كل واحد منا إلى سيفه فاستله من جربانه ثم وقفنا زردقا أرسالا وأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته كأنه مجنوب أو في هجار لصدره نحيط ولبلا عمه غطيط ولطرفه وميض ولأرساغه نقيض كأنما يخبط هشيما أو يطأ صريما وإذا هامة كالمجن وخد كالمسن وعينان سجروان كأنهما سراجان يتقدان وقصرة ربلة ولهذمة رهلة وكتد مغبط وزور مفرط وساعد مجدول وعضد مفتول وكف شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج وكشر فافرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة وفم أشدق كالغار الاخرق ثم تمطي فأسرع بيديه وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه ثم اقعي فاقشعر ثم مثل فاكفهر ثم تجهم فازبأر فلاوذو بيته في السماء ما اتقيناه الاباخ لنا من فزاره كان ضخم الجزاره فوقصه ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه فجعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به فكر مقشعرا بزبره كأن به