الشرك لأنه نبي من أنبيائه ولو جاز الشرك والكفر على الأنبياء لما جاز أن يثق أحدنا بما يؤديه النبي عليه الصلاة والسلام عن الله تعالى عز وجل لان من جاز عليه الكفر جاز عليه الكذب ومن جاز عليه الكذب لم يؤخذ بأخباره فصح بهذا أن الاضمار في قوله تعالى (جعلا له شركاء) إنما يعنى به النسل وإنما ذكر ذلك على سبيل التثنية لأنهم كانوا ذكروا وأنثى فلما كانوا صنفين جاز أن يجعل تعالى اخبار عنهما كالاخبار عن الاثنين إذ كانا صنفين.. وقد دل على صحة تأويلنا هذا قوله تعالى في آخر الآية (تعالى الله عما يشركون) فبين عز وجل أن الذين جعلوا لله شركاء هم جماء فلهذا جعل إضمارهم إضمار الجماعة فقال تعالى يشركون مضى كلام أبى على.. وقد قيل في قوله تعالى (فلما آتاهما صالحا) مضافا إلى الوجه المتقدم الذي هو أنه أراد بالصلاح الاستواء في الخلقة والاعتدال في الأعضاء وجه آخر وهو أنه لو أراد الصلاح في الدين لكان الكلام أيضا مستقيما لان الصالح في الدين قد يجوز أن يكفر بعد صلاحه فيكون في حال صالحا وفى آخري مشركا وهذا لا يتنافى.. وقد استشهد في جواز الانتقال من خطاب إلى غيره ومن كناية من مذكور إلى مذكور سواه ليصح ما قلناه من الانتقال من الكناية عن آدم عليه السلام وحواء عليها السلام إلى ولدهما بقوله تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله) فانصرف عن مخاطبة الرسول إلى مخاطبة المرسل إليهم ثم قال (وتعزروه وتوقروه) يعنى الرسول عليه الصلاة والسلام ثم قال (وتسبحوه) وهو يعنى مرسل الرسول فالكلام واحد متصل بعضه ببعض والخطاب منتقل من واحد إلى غيره ويقول الهذلي يا لهف نفسي كان جدة خالد * وبياض وجهك للتراب الأعفر ولم يقل وبياض وجهه.. وقال كثير أسيئي بناء أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية إن تقلت (1)
(١٣٩)