وجها مقربا لرجوع الكلام إلى جملة الأولاد ويجوز أيضا أن يكون أشار في التثنية إلى الذكور والإناث من ولد آدم عليه السلام وإلى جنسين منهم فحسنت التثنية لذلك على أنه إذا تقدم في الكلام أمران ثم تلاهما حكم من الاحكام وعلى بالدليل استحالة تعلقه بأحد الامرين وجب رده إلى الآخر.. وإذا علمنا أن آدم عليه السلام لا يجوز عليه الشرك لم يجز عود الكلام إليه فوجب عوده إلى المذكورين من ولد آدم عليه السلام .. وذكر أبو علي الجبائي في هذا ما نحن نورده على وجهه.. قال إنما عنى بهذا أن الله تعالى خلق بني آدم من نفس واحدة لان الاضمار في قوله تعالى خلقكم إنما عنى به بني آدم عليه السلام والنفس الواحدة التي خلقهم منها هي آدم لأنه خلق حواء من آدم ويقال إنه تعالى خلقها من ضلع من أضلاعه ويقال من طينته فرجعوا جميعا إلى أنهم خلقوا من آدم عليه السلام.. وبين ذلك بقوله تعالى (وخلق منها زوجها) لأنه عنى به أنه خلق من هذا النفس زوجها وزوجها هو حواء عليهما السلام.. وعنى بقوله تعالى (فلما تغشاها حملت حملا خفيفا) وحملها هو حبلها منه في ابتداء الحمل لأنه في ذلك الوقت خفيف عليها.. ومعنى قوله تعالى (فمرت به) أن مرورها بهذا الحمل في ذل الوقت وتصرفها به كان عليها سهلا لخفته فلما كبر الولد في بطنها ثقل ذلك عليها فهو معنى قوله تعالى (أثقلت دعوا الله) فثقل عليها عند ذلك المشئ والحركة .. وعنى بقوله تعالى (دعوا الله ربهما) أنهما دعوا عند كبر الولد في بطنها فقالا لئن آتيتنا يا رب نسلا صالحا لنكونن من الشاكرين لنعمتك علينا لأنهما أراد أن يكون لهما أولاد نؤنسهما في الموضع الذي كانا فيه لأنهما كانا فردين مستوحشين إذا غاب أحدهما بقي الآخر مستوحشا بلا مؤنس فلما آتاهما نسلا صالحا معافى وهم الأولاد الذين كانوا يولدون لهما لان حواء عليها السلام كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى فقال إنها ولدت في خمسمائة بطن ألف ولد.. وعنى بقوله تعالى (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما) أي أن هذا النسل الصالح الذي هم ذكر وأنثى جعلا له شركاء فيما آتاهما من نعمة وأضاف بعد تلك النعم إلى الذين اتخذوهم آلهة مع الله تعالى من الأصنام والأوثان ولم يعن بقوله تعالى جعلا آدم وحواء عليهما السلام لان آدم لا يجوز عليه
(١٣٨)