عن ذلك وإن لم يكن مؤثرا على الحقيقة لان فاعله كالمدخل الضرر على غيره لان من اعتقد أن ذلك يعدى ويؤثر فأورد على إبله فلابد من أن يلحقه لما تقدم من اعتقاده ضرر وغم ولابد من أن يذم من عامله بذلك فكأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن أذى الناس والتعرض لذمهم وقد يجوز أيضا فيه ما حكاه ابن قتيبة عن غيره مما لم يرتضه من أنهم متى ظنوا ذلك أثموا فنهى عليه الصلاة والسلام عن التعرض لما يؤثم.. ولو نقل ابن قتيبة ما قاله عليه الصلاة والسلام في الطاعون إذا كان ببلد فلا تدخلوه وأمره لمن شكى إليه بالتحول عنها إلى ههنا لكان قد أصاب لأنه حمل ذلك على أن تجنب البلد أسكن للنفس وأطيب للعيش وكذلك الدار فهذا يمكن في قوله عليه الصلاة والسلام لا يوردن ذو عاهة على مصح بعينه.. فأما قوله عليه الصلاة والسلام فر من المجذوم فرارك من الأسد فليس فيه أن ذلك لأجل العدوي وقد يمكن أن يكون لأجل نتن ريحه واستقذاره ونفور النفس منه وأن ذلك ربما دعى إلى تعييره والإزراء عليه وامتناعه عليه الصلاة والسلام من إدخال المجذوم عليه ليبايعه يجوز أن يكون الغرض فيه غير العدوي بل بعض الأسباب المانعة التي ذكرنا بعضها.. وأما حديث الطاعون والقول فيه على ما قاله وقد كان سبيله لما عول في عدوى الجذام والجرب على قول الأطباء إن يرجع أيضا إلى أقوالهم في الطاعون لأنهم يزعمون أن الطاعون الذي يعرض من تغير الأهوية وما جرى مجراها يعدى كعدوى الجرب والجذام والعيان الذي ادعاه ليس هو أكثر من وجوده من يجرب أن يجذم لمخالطة من كان بهذه الصفة وهذا العيان موجود في الطاعون فإنا نرى عمومه لمن يسكن البلد الذي يكون فيه ويطرأ إليه.. فأما الخبر الذي يتضمن أن الشؤم في المرأة والدار والدابة فالذي ذكره من الرواية في معناه يزيل الشبهة به على أنه لو لم يكن ههنا رواية في تأويله جاز أن يحمل على أن الذي يتطير به المتطيرون ويدعون الشؤم فيه هو المرأة والدار والدابة ولا يكون ذلك إثباتا للطيرة والشؤم في هذه الأشياء بل على طريق الاخبار بأن الطيرة الثابتة إنما هي فيها لقوة أمرها عند أصحاب الطيرة.. وما ذكره بعد ذلك في الدار وأمره عليه الصلاة والسلام بانتقاله عنها تأويل قريب وقد كان يجب أن يهتدى إليه مما تقدم
(١١٤)