الكوفي إلى واسط ولا أفلح * حدثني غير واحد من الكتاب عمن سمع أبا علي بن مقلة لما عاد من فارس وزيرا يتحدث قال: من طريف ما أتفق في نكبتي هذه التي أدتني إلى الوزارة أنى أصبحت وأنا محبوس مقيد في حجرة من دار ياقوت أمير فارس، وقد لحقني من الإياس من الفرج وضيق الصدر بها من أقنطني وكاد يغلب على عقلي، وكنت أنا وفلان محبوسين مقيدين في بيت واحد من الحجرة إلا أنا على سبيل ترفيه واكرام. فدخل علينا كاتب لياقوت كان كثيرا ما يجيئنا برسالته. فقال الأمير يقرأ عليكما السلام ويعرف أخباركما، ويعرض عليكما قضاء أي حاجة كانت لكما. فقلت له: تقرأ على الأمير السلام وتقول له: قد ضاق والله صدري، واشتهيت أن أشرب على غناء طيب، فان جاز أن يسامحنا بذلك سرا فيتخذ به عندنا منة وبرا تفضل بذلك.
قال: والمحبوس معي يخاصمني ويقول يا هذا: والله ما في قلوبنا فضل لهذا.
فقلت للكاتب أعد عنى ما قلت لك. قال: السمع والطاعة ومضى ثم جاء وقال:
الأمير يقول لك حبا وكرامة لك وعزازة أي وقت شئت فقلت الساعة، فلم يمض إلا ساعة حتى جاؤوا بالطعام فأكلنا والمشام والفاكهة والنبيذ وصفف المجلس فجلست والمحبوس معي مقيدا، وقلت له تعال حتى نشرب ونتفاءل بأول صوت يغنى به لنا في هذه الساعة في سرعة الفرج مما نحن فيه فلعله يصح الفأل، فقال: أما أنا فلا أشرب فلم أزل أرفق به حتى شرب وجاءت المغنية فكان أول صوت غنته شعر:
قواعد للبين الخليط لينبوا * وقالوا لراعي الذود موعدك السبت ولكنهم بانوا ولم أدر بغتة * وأفظع شئ حين يفجؤك البغت فقال لي: ما هذا مما يتفاءل به، وأي معنى فيه يدل على فرجنا؟ فقلت: ما هو إلا فأل مبارك، ولعل الله أن يفرق بيننا وبين هذه الحال التي نحن فيها بالفرج والصلاح يوم السبت. قال وشربنا يومنا وسكرنا وانصرفت المغنية ومضت بقية أيام ذلك الأسبوع. فلما كان يوم السبت لم يمض من النهار إلا دون ساعتين فإذا بياقوت قد دخل علينا فجأة فارتعنا وقمت إليه فقال أيها الوزير: الله الله في واقبل