تطرقك حسن الظن بالله تعالى في كشفها فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج، ويقال العاقل لا يذل لأول نكبة، ولا يفرح بأول نعمة فربما أقلع المحبوب عما يضر، وأجلى المكروه عما يسر. شكا عبد الله بن طاهر إلى سليمان بن يحيى ابن معاذ كاتبه بلاء خافه وتوقعه فقال له أيها الأمير: لا يغلبن على قبلك إذا اغتممت ما تكره دون ما تحب، فلعل العاقبة تكون ما تحب، وتوقى ما تكره فتكون كمن يتسلف الغم والخوف. قال: أما إنك فقد فرجت عنى ما أنا فيه.
بلغني أن الناس قحطوا بالمدينة في أيام عمر رضي الله عنه فخرج بهم مستسقيا فكان أكثر قوله الاستغفار. فقيل له يا أمير المؤمنين: لو دعوت الله تعالى؟ فقال أما سمعتم قوله تعالى: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا (1) الآيات فصار الاستكثار منه في خطب الاستسقاء سنة إلى اليوم.
حكى عن أنو شروان أنه قال: جميع مكاره الدنيا ينقسم على ضربين.
فضرب فيه حيلة فالاضطراب دواؤه، وضرب لا حيلة فيه فالاصطبار شفاؤه. وكان بعض الحكماء يقول: الحلية فيما لا حيلة فيه الصبر، وكان يقال:
من اتبع الصبر أتبعه النصر، ومن الأمثال السائرة الصبر مفتاح الفرج، من صبر قدر ثمرة الصبر الظفر، وعند اشتداد البلاء يأتي الرخاء، وكان يقال:
تضايقي تنفرجي، إذا اشتد الخناق انقطع الوثاق. والعرب تقول: إن في الشر خيارا. قال الأصمعي: معناها إن بعض الشر أهون من بعض. وقال أبو عبيدة: معناها إذا أصابتك مصيبة فاعلم أنه قد يكون أجل منها فلتهن عليك مصيبتك. وقال بعض الحكماء: عواقب الأمور تتشابه في الغيوب، فرب محبوب في مكروه ومكروه في محبوب وكم مغبوط بنعمة هي داؤه، ومرحوم من داء فيه شفاؤه، ورب خير من شر، ونفع من ضر. وروى أن علي بن أبي طالب سلام الله عليه قال: يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي قد أتى فإنه ان يكن من عمرك يأتك الله فيه بمحنتك، واعلم أنك