وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للمثوبة، وحض على الصدقة، وفى قضاء الله تعالى وقدره بعد الخيار. كتب محمد بن الحنفية إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حين سيره ابن الزبير عن مكة إلى الطائف: " أما بعد فقد بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف، فأحدث الله لك بذلك ذخرا، وحط عنك به وزرا، يا ابن عم: إنما يبتلى الصالحون، وتعد الكرامة للأخيار، ولو لم تؤجر إلا فيما تحب لقل الاجر، وقد قال الله تبارك وتعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم (1) عزم الله لنا ولك بالصبر على البلاء، والشكر على النعماء، ولا أشمت بنا عدوا، والسلام.
كتب بعض الكتاب إلى صديق له في محنة لحقته: إن الله تبارك وتعالى ليمتحن العبد ليكثر التواضع له، والاستغاثة به، ويجدد الشكر على ما يوليه من كفايته، ويأخذ بيده في شدته، لان دوام النعم والعافية تبطر الانسان حتى يعجب بنفسه، ويعدل عن ذكر ربه، وقد قال الشاعر.
لا يترك الله عبدا لا يذكره * بمن يؤدبه ومن يؤنبه في نعمة تقتضي شكرا يدوم له * أو نقمة حين ينسى الشكر ينكبه وقال الحسن البصري رحمه الله: الخير الذي لا شر فيه الشكر مع العافية، والصبر عند المحنة، فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم من مبتلى بمحنة وهو صابر، والجزع لا ينفع ما لم تنصرم أيام المحنة.
وكان ابن شبرمة إذا نزلت به شدة قال: سحابة ثم تنقشع، وقال بعض الحكماء: أخر الهم أول الفرج، وكان جعفر بن سليمان يقول: جربناه فوجدناه كذلك، وذكر القاضي أبو الخير في كتابه قال: حدثنا الحسن بن مكرم يرفعه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: