فصل لبعض الكتاب: وهو علي بن نصر بن علي بن بشر النصراني. وكما أن الله عز وجل يأتي بالمحبوب من الوجه الذي قد ورد المكروه منه يأتي بالفرج عند انقطاع الامل واستبهام وجوه الحيل، ليحض سائر خليقته بما يريهم من تمام قدرته على صرف الرجاء إليه، وإخلاص التوكل عليه، وأن لا يزووا وجوههم في قوت من الأوقات على من تتوقع الروح منه، ولا يعدلوا بآمالهم على حال من الحالات عن انتظار فرج يصدر عنه، فكذلك أيضا سرهم فيما ساءهم بأن كفاهم بمحنة يسيرة أعظم منها، وأفداهم بملة سهلة بما هو أنكى فيهم لو لحقهم.
قال إسحاق العابد: ربما امتحن الله العبد بمحنة عظيمة يخلصه بها من الهلكة فتكون تلك المحنة أجل نعمة. وقال سمعان: من احتمل المحنة ورضى بتدبير الله عز وجل في النكبة، وصبر على الشدة كشف الله له عن منفعتها حتى يقف على المستور عنه في مصلحتها. وقال عبد الله بن المعتز: ما أوطأ راحلة الواثق بالله تعالى، وآنس مثوى المطيع لله.
حكى بعض النصارى أن بعض الأنبياء عليهم السلام قال: المحن تأديب من الله عز وجل، والأدب لا يدوم، وطوبى لمن يصبر على التأديب، ويثبت عند المحنة فيجب له لبس إكليل الغلبة، وتاج الفلاح الذي وعد الله عز وجل محبيه وطائعيه.
وقال بزرجمهر: انتظار الفرج بالصبر يعقب الاغتباط.