وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١ - الصفحة ١٧٨
أقول: وهذا أيضا مما استدلوا به للنجاسة، وضعفه ظاهر لقيام القرينة الواضحة على أن المسوغ للتيمم عدم الوصلة إلى الماء، وأن المقتضي للنهي عن الإفساد ما يترتب على الوقوع من إثارة الحمأة (4)، وهي بالنظر إلى الشرب، أو نحوه إفساد، وهو أعم من النجاسة، فلا يدل عليها بخلاف الإفساد في خبر محمد بن إسماعيل، فإنه شامل بعمومه للنجاسة، إن لم تكن مرادة بخصوصها، قاله صاحب المنتقى (5).
ويؤيده أنه ليس فيه تصريح بوجود نجاسة على بدن الجنب، فتعين أن المراد بالإفساد ما ذكر، أو حصول النفرة، أو إسراع التغيير، أو يكون النهي عن الوقوع لما فيه من الخطر، والتعرض للهلاك الموجب لفساد الماء سريعا، لو مات فيها، ومع قيام هذه الاحتمالات وغيرها لا يتم الاستدلال، وما يأتي من الأمر بالنزح (6) لا يدل على النجاسة كما لا يخفى، وأحاديث الطهارة أوضح دلالة، وأبعد من التقية، بل لا معارض لها عند التحقيق، ويؤيدها أحاديث طهارة الماء وأحاديث التغير وأحاديث الماء الجاري لأنه فرد منه، قاله جماعة، وفسروا الجاري بالنابع جرى أم لا وأحاديث الكر لأنه كر غالبا، وأحاديث المادة وغير ذلك. وقد تقدم ما يدل على اعتبار الكرية في ماء البئر (7)، وأن الشيخ حمله على التقية.

(٤) الحمأة: الطين الأسود المتغير (مجمع البحرين: ١٠٧).
(٥) منتقى الجمان ١: ٥٨.
(6) الأمر بالنزح الذي يأتي في الحديث 2 من الباب 17، لا يدل على النجاسة بل فيه ما يدل على عدمها، ويدل على أن الأمر بالنزح فزى غيرها لنظافة الماء وطيبته مثل:
أ - الحديث 3 من الباب 15 من هذه الأبواب.
ب - والحديث 11 من الباب 17.
ج - الحديث 5 و 8 من الباب 19، مضافا إلى ما ورد من الأمر بالنزح فيما يقع في البئر مما لا نفس له.
(7) تقدم في الحديث 8 من الباب 9 من هذه الأبواب، ويأتي في الحديث 2 من الباب 17 من هذه الأبواب.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست