وقته، وعلى الجهاز الحاكم بصورة خاصة.
فكان دائما في مجالسه ومحافله واتصالاته وما يجري بينه وبين الآخرين من حديث محفوفا برقابة قاسية من قبل السلطة، كما كان هو - قدس الله نفسه - على حذر دائم وحيطة مستمرة من أن تأخذ عليه السلطة فلتة سياسية تحتج بها عليه في إثبات المعارضة للجهاز الحاكم.
ومن ذلك تعرف الصعوبات التي واجهها (الشهيد الأول) في تثبيت ودعهم (الكيان المذهبي) الذي كان يؤمن به فكريا وسياسيا، وما كان يلقى من عنت وأذى وجهد متواصل مرير في سبيل ذلك. إلى أن امتحن في ذات نفسه فقتل شهيدا، وصلب بعد القتل، وأحرق بعد الصلب.
فحياة الشهيد الأول إذا أعمق من هذه السطحية، والظواهر التي يتناول مترجموه حياته بها.
ولا يتيسر للباحث أن يدرس شخصية الفقيه المترجم له وأثره في الحركة الفكرية، والسياسية المعارضة من دون أن يدرس عصر الشهيد الأول وبيئته، والبلاد التي كان ينتقل فيها، طالبا للعلم، وحاملا له، وباحثا عن الحق، وداعيا إليه، ومستوى الثقافة والفكر في عصر الشهيد الأول ولدي شيوخ الشهيد الذي كان يتصل بهم بدء حياته الدراسية، ويأخذ عنهم العلم.
ومن دون ذلك لا يتيسر للباحث أن يلمس بوضوح أبعاد الأثر الذي تركه الفقيه الأعظم (الشهيد الأول) من الدراسات الفقهية، كما لا يستغني الباحث أن يدرس الاتجاهات السياسية في عصره، وحدودها ومعارضاتها ليستطيع أن يدرس موقف الفقيه الأعظم (الشهيد الأول) من هذه الحركات والأثر الذي تركه من تكوين الواجهة المعارضة للسلطة والجهد الذي تحمله في سبيل ذلك.
إذا فحديثنا عن حياة (الشهيد الأول) ينقسم إلى جانبين: ندرس في الجانب الأول شخصية الشهيد الفكرية، وأثره في تطور الفقه الإسلامي.