لان في ذلك تضيقا على الناس ومنعا لهم عن الدفن وهذا مختص بالمواضع المباحة المسبلة أما الاملاك فلا ويكره المقام عندها ذكره الشيخ وتجديدها بعد اندراسها والاتكاء على القبر والمشي عليه وأن يتخذ على القبر مسجدا ويصلى عليه. * مسألة: ويكره نقل الميت من الموضع الذي مات فيه إلى بلد آخر لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالمسارعة بدفنه ولأنه لا يؤمن عليه الفساد أما إذا نقل إلى بعض مشاهد الأئمة عليهم السلام فلا بأس بل ذلك مستحب لما فيه من طلب الشفاعة منه عليه السلام ولو دفن في موضع لم يجز بعد نقل ذلك إلى غيره قال الشيخ وقد روى أنه لا يجوز نقله بعد الدفن إلى بعض مشاهد الأئمة عليهم السلام سمعناها مذاكرة. * مسألة: ويستحب أن يدفن الميت في أشرف البقاع فإن كان بمكة دفن في مغربها وكذا بالمدينة والمسجد الأقصى وكذلك مشاهد الأئمة عليهم السلام وكذا كل بلد فيه مقبرة يذكر بخير وفضيلة من مشهد الصالحين أو مقام لاحد الأئمة عليهم السلام ولو كان في بلده غير هذه المواضع استحب نقله إلى أحد المشاهد الأئمة عليهم السلام والدفن في المقابر أفضل من الدفن في المنزل لان النبي صلى الله عليه وآله اختار لأصحابه الدفن في المقابر و لأنها ذات حرمة بخلاف المنزل ولأنها يزاد ويدعى فيها وأبعد من حصول النجاسة فيها من بول وغائط ولا نبش وقد يحصل في المنزل ذلك كله. فروع:
[الأول] لا بأس أن يدفن ميتان في قبر واحد مع الضرورة والحاجة إليه ويكره مع عدم الحاجة. [الثاني] إذا تنازع اثنان في الدفن في الأرض المباح فالسابق أولى ولو اتفقا دفعه أقرع بينهما لعدم الأولوية. [الثالث] لو دفن ميت فأريد حفر قبره ودفن آخر قال الشيخ أنه مكروه ذكره في النهاية وقال في المبسوط متى دفن في مقبرة مسبلة لا يجوز لغيره أن يدفن فيه إلا بعد إندراسها ويعلم أنه قد صار رميما وذلك على حسب الأهوية والتراب فإن بادر انسان فنبش قبرا فإن لم يجد فيه شيئا جاز أن يدفن فيه وإن وجد فيه عظاما أو غيرها رد التراب فيه ولم يدفن فيه وكلام الشيخ في المبسوط جيد. [الرابع] يجوز أن يعير الانسان أرضه لغيره يدفن فيها ميته بلا خلاف ويجوز للمعير الرجوع قبل الدفن إجماعا أما لو دفن فإنه لا يجوز له الرجوع والمطالبة بنقل الميت لان العارية جائزة بحسب العادة وهي قاضية بتأبيد الميت إلى أن يبلى فإذا بلى جاز له التصرف في أرضه بالزراعة وغيرها لان أجزاء الميت قد استحالت إلى الأرض. [الخامس] لو غصب أرضا فدفن فيها ميتا جاز لصاحب الأرض قلع الميت ونقله عن أرضه لأنه تصرف غير مأذون فيه ويستحب للمالك تخليته لان فيه حفظا لحرمة الميت أما لو غصب كفنا فكفن به فدفن لم يكن لصاحب الكفن قلعه بأخذ كفنه بل يرجع إلى القيمة والفرق بينهما تعذر تقويم موضع الدفن وحصول الضرر به بخلاف الكفن. [السادس] لو خلف وارثين أحدهما غائب فدفنه الحاضر في المنزل جاز للغائب بعد حضوره قلعه والأفضل له عدم القلع. [السابع] لو تشاح الورثة فقال بعضهم يدفن في ملكه وقال آخرون يدفن في دفن المسبلة لأنه بموته انتقل إلى الورثة ولو اتفقوا على الدفن في ملكه جاز ولو قال بعضهم أنا أكفنه من مالي وقال آخرون يكفن من ماله كفن من ماله ولم يجبر الممتنع على تكفينه من مال الباذل ويخالف إجابة الطالب للدفن في المسبلة لان ذلك لا منة فيه على واحد منهم. [الثامن] لو قال بعضهم أنا أدفنه في ملكي وقال آخرون في المسبلة يدفن في المسبلة أجيب الطالب للمسبلة دون الطالب بملكه للمنة ولو اتفقوا على دفنه في موضع ثم أراد أحدهم نقله عنه لم يجز له ذلك. [التاسع] لو بادر واحد منهم فدفنه في ملك الميت كان للباقي قلعه ودفنه في المسبلة على كراهية ولو بادر ودفنه في ملك نفسه أو كفنه في ماله ثم دفنه لم ينقل ولم يسلب أكفانه لأنه ليس في نيته اسقاط حق أحدهم وفي نقله هتك حرمته.
[العاشر] يستحب أن يكون له مقبرة ملك يدفن فيها أهله وأقاربه ويجوز له أن يشتري موضع قبره ويوصي أن يدفن فيه ولو أوصى أن يدفن في ملكه مضت وصيته إن خرجت من الثلث. [الحادي عشر] لو دفن الميت في أرض فبيعت قال الشيخ جاز للمشتري نقل الميت عنها الأفضل تركه وأطلق والوجه عندي التفصيل وهو ثبوت هذا الحكم لو دفن في ملك الغير بغير إذنه أما لو أذن ثم باع الأرض فإن علم المشتري قبل البيع لزم البيع ولا يجوز له نقله وإن لم يعلم كان مخيرا بين فسخ البيع وإلزامه وليس له نقل الميت في الحالين. * مسألة: الذمية إذا كانت حاملا من مسلم وماتت ومات حملها دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها لأنه يلحق بأبيه في الاسلام فيلحقه في الدفن وشق بطن الأم لاخراجه هتك لحرمة الميت وإن كان ذميا لغرض ضعيف ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن (أثيم) عن يونس قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يكون له الجارية اليهودية والنصرانية فيواقعها فتحمل ثم يدعوها إلى أن تسلم فتأبى عليه فدنى ولادتها قد ماتت وهي تطلق والولد في بطنها ومات الولد أيدفن معها على النصرانية أو يخرج منها فيدفن على فطرة الاسلام فكتب يدفن معها قال علماؤنا ويجعل ظهرها إلى القبلة في القبر ويكون الجنين مستقبلا لها لأنه متوجه إلى ظهر أمه.
* مسألة: ولو مات في البحر ولم يوجد أرض يدفن فيها غسل وكفن وصلي عليه وثقل وألقي في البحر ليترسب إلى القرار ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا والحسن البصري وأحمد وقال الشافعي يربط بين لوحين ليحمل البحر إلى الساحل فربما وقع إلى قوم يدفنونه وما ذكرناه أولى لان القصد من الدفن وهو الستر حاصل هنا أما لو جعله بين اللوحين ففيه تعريض له بالتعسر والضنك فإنه ربما بقي عريانا على الساحل غير مدفون وربما ظفر به المشركون وما ذكرناه أولى ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال يغسل ويكفن ويصلي عليه ويثقل ويرمى به في البحر. فروع: [الأول] قال بعض الجمهور يترك يوما أو يومين ما لم يخف عليه الفساد ثم ينقل به ما ذكرناه لجواز جدار الأرض وهو حسن. [الثاني] يجوز أن يثقل بحجر في رجليه ويرمى به لان المقصود حاصل به وروى الشيخ عن وهب بن وهب العريني عن