الوقوع فكان مضافا إلى الحفر فأما الجوع فليس من آثاره فلا يضاف إلى الحفر ولأبي حنيفة رحمه الله أنه لا صنع للحافر في الغم ولا في الجوع حقيقة لأنهما يحدثان بخلق الله تعالى لا صنع للعبد فيما أصلا لا مباشرة ولا تسبيبا أما المباشرة فلا شك في انتفائها واما التسبيب فلان الحفر ليس بسبب للجوع لا شك فيه لأنه لا ينشأ منه بل من سبب آخر والغم ليس من لوازم البئر فإنها قد تغم فلا يضاف ذلك إلى الحفر وان أصابته جناية فيما دون النفس فضمانها على الحافر لأنها حصلت بسبب الوقوع والوقوع بسبب الحفر ثم إن بلغ القدر الذي تتحمله العاقلة حمله عليهم والا فيكون في ماله وكذا إذا كان الواقع غير بني آدم لان ضمان المال لا تتحمله العاقل كما لا تتحمل سائر الديون ثم إن جنايات الحفر وان كثرت من الحر يجب عليه لكل جناية أرشها ولا يسقط شئ من ذلك بشئ منه ولا يشرك المجني عليهم فيما يجب لكل واحد منهم لأنه بالحفر جنى على كل واحد منهم بحياله فيؤخذ بكل واحدة من الجنايات بحيالها هذا هو الأصل وإن كان الحافر عبدا فإن كان قنا فجنايته بالحفر بمنزلة جنايته بيده وقد ذكرنا حكم ذلك فيما تقدم وهو ان يخاطب المولى بالدفع أو الفداء قلت جنايته أو كثرت غير أنه إن كان المجني عليه واحدا يدفع إليه أو يفدى وإن كان وا جماعة يدفع إليهم أو يفدى بجميع الأروش لان جنايات القن في رقبته يقال للمولى ادفع أو افد والرقبة تتضايق عن الحقوق فيتضاربون في الرقبة والواجب بجناية الحر يتعلق بذمة العاقلة والذمة لا تتضايق عن الحقوق فان وقع فيها واحد فمات فدفعه المولى إلى ولى جنايته ثم وقع آخر يشارك الأول في الرقبة المدفوعة وكذلك الثالث والرابع فكلما يحدث من جناية بعد الدفع فإنهم يشاركون المدفوع إليه الأول في رقبة العبد وكل واحد منهم يضرب بقدر جنايته لان المولى بالدفع إلى الأول خرج عن عهدة الجناية لأنه فعل ما وجب عليه فخرج عن عهدة الواجب ثم الجناية في حق الثاني والثالث حصلت بسبب الحفر أيضا والحكم فيها وجوب الدفع فكان الدفع إلى الأول دفعا إلى الثاني والثالث لاستواء الكل في سبب الوجوب كأنه دفعه إلى الأول دفعة واحدة ولو حفرها ثم أعتقه المولى بعد الحفر قبل الوقوع ثم لحقت الجنايات فذلك على المولى في قيمته يوم عتق يشترك فيها أصحاب الجنايات التي كانت قبل العتق وبعده يضرب في ذلك كل واحد بقدر أرش الجناية لان جناية القن وان كثرت فالواجب فيها الدفع والولي بالاعتاق فوت الدفع من غير اختيار الفداء فتعتبر قيمته وقت الاعتاق لان فوات الدفع حصل بالاعتاق فتعتبر قيمته يوم الاعتاق بخلاف المدبر انه لا تعتبر قيمته يوم التدبير بل يوم الجناية وإن كان فوات الدفع بالتدبير لكن التدبير إنما يصير سببا عند وجود شرطه وهو الجناية فتعتبر قيمته حينئذ على ما بينا فيما تقدم وإن كان الحافر مدبرا أو أم ولد فعلى المولى قيمة واحدة قلت الجناية أو كثرت وتعتبر قيمته يوم الجناية وهو يوم الحفر ولا تعتبر زيادة القيمة ونقصانها لأنها صار جانيا بسبب الحفر عند الوقوع فتعتبر قيمته وقت الجناية كما إذا جنى بيده وإن كان مكاتبا فجنايته على نفسه لا على مولاه كما إذا جنى بيده وتعتبر قيمته يوم الحفر لما بينا ولو حفر بئرا في الطريق فجاء انسان ودفع انسانا وألقاه فيها فالضمان على الدافع لا على الحافر لان الدافع قاتل مباشرة ولو وضع رجل حجرا في قعر البئر فسقط انسان فيها لا ضمان على الحافر مع الواضع ههنا كالدافع مع الحافر ولو جاء رجل فحفر من أسفلها ثم وقع فيها انسان فالضمان على الأول كذا ذكر الكرخي رحمه الله وذكر محمد رحمه الله في الكتاب ينبغي في القياس ان يصمن الأول ثم قال وبه نأخذ ولم يذكر الاستحسان وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي رحمه الله في الاستحسان الضمان عليهما لاشتراكهما في الجناية وهي الحفر فيشتركان في الضمان (وجه) القياس ان سبب الوقوع حصل من الأول وهو الحفر بإزالة المسكة والحفر من الثاني بمنزلة نصب السكين أو وضع الحجر في قعر البئر فكان الأول كالدافع فكان الضمان عليه ولو حفر رجل بئرا فجاء انسان ووسع رأسها فوقع فيها انسان فالضمان عليهما نصفان هكذا أطلق في الكتاب ولم يفصل وقيل جواب الكتاب محمول على ما إذا وسع قليلا بحيث يقع رجل في حفرهما (فأما) إذا وسع كثيرا بحيث يقع قدمه في حفر الثاني فالضمان على الثاني لا على الأول لان التوسع إذا كان قليلا بحيث يقع قدمه في حفرهما كان الوقوع بسبب
(٢٧٥)