خطر الطريق فالجواب أن ذلك محمول على أن السفتجة لم تكن مشروطة في القرض مطلقا ثم تكون السفتجة وذلك مما لا بأس به على ما بينا والله تعالى أعلم والأجل لا يلزم في القرض سواء كان مشروطا في العقد أو متأخرا عنه بخلاف سائر الديون والفرق من وجهين أحدهما أن القرض تبرع ألا يرى أنه لا يقابله عوض للحال وكذا لا يملكه من لا يملك التبرع فلو لزم فيه الأجل لم يبق تبرعا فيتغير المشروط بخلاف الديون والثاني أن القرض يسلك به مسلك العارية والأجل لا يلزم في العوارى والدليل على أنه يسلك به مسلك العارية أن لا يخلو اما ان يسلك به مسلك المبادلة وهي تمليك الشئ بمثله أو يسلك به مسلك العارية لا سبيل إلى الأول لأنه تمليك العين بمثله نسيئة وهذا لا يجوز فتعين أن يكون عارية فجعل التقدير كان المستقرض انتفع بالعين مدة ثم رد عين ما قبض وإن كان يرد بدله في الحقيقة وجعل رد بدل العين بمنزلة رد العين بخلاف سائر الديون وقد يلزم الأجل في القرض بحال بان يوصى بان يقرض من ماله بعد موته فلانا ألف درهم إلى سنة فإنه ينفذ وصيته ويقرض من ماله كما أمر وليس لورثته أن يطالبوا قبل السنة والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما حكم القرض فهو ثبوت الملك للمستقرض في المقرض للحال وثبوت مثله في ذمة المستقرض للمقرض للحال وهذا جواب ظاهر الرواية وروى عن أبو يوسف في النوادر لا يملك القرض بالقبض ما لم يستهلك حتى لو أقرض كرا من طعام وقبضه المستقرض ثم إنه اشترى الكر الذي عليه بمائة درهم جاز البيع وعلى رواية أبى يوسف لا يجوز لان المقرض باع المستقرض الكر الذي عليه وليس عليه الكر فكان هذا بيع المعدوم فلم يجز كما لو باعه الكر الذي في هذا البيت وليس في البيت كر وجاز في ظاهر الرواية لأنه باع ما في ذمته فصار كما إذا باعه الكر الذي في البيت وفى البيت كر وكذلك لو كان الكر المقرض قائما في يد المستقرض كان المستقرض بالخيار ان شاء دفع إليه هذا الكر وان شاء دفع إليه كرا آخر ولو أراد المقرض أن يأخذ هذا الكر من المستقرض وأراد المستقرض أن يمنعه من ذلك ويعطيه كرا آخر مثله له ذلك في ظاهر الرواية وعلى ما روى عن أبي يوسف رحمه الله في النوادر ان لا خيار للمستقرض ويجبر على دفع ذلك الكر إذا طالب به المقرض وعلى هذا فروع ذكرت في الجامع الكبير (وجه) رواية أبى يوسف ان الاقراض إعارة بدليل انه لا يلزم فيه الأجل ولو كان معاوضة للزم كما في سائر المعاوضات وكذا لا يملكه الأب والوصي والعبد المأذون والمكاتب وهؤلاء لا يملكون المعاوضات وكذا اقراض الدراهم والدنانير لا يبطل بالافتراق قبل قبض البدلين وإن كان مبادلة لبطل لأنه صرف والصرف يبطل بالافتراق قبل قبض البدلين وكذا اقراض المكيل لا يبطل بالافتراق ولو كان مبادلة لبطل لان بيع المكيل بمكيل مثله في الذمة لا يجوز فثبت بهذه الدلائل ان الاقراض إعارة فبقي العين على حكم ملك المقرض (وجه) ظاهر الرواية أن المستقرض بنفس القبض صار بسبيل من التصرف في القرض من غير اذن المقرض بيعا وهبة وصدقة وسائر التصرفات وإذا تصرف نفذ تصرفه ولا يتوقف على إجازة المقرض وهذه أمارات الملك وكذا مأخذ الاسم دليل عليه فان القرض قطع في اللغة فيدل على أن قطاع ملك المقرض بنفس التسليم (وأما) قوله إعارة والإعارة تمليك المنفعة لا تمليك العين فنعم لكن ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقيام عينه مقام المنفعة صار قبض العين قائم مقام قبض المنفعة والمنفعة في باب الإعارة تملك بالقبض لأنها تبرع بتمليك المنفعة فكذا ما هو ملحق بها وهو العين والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب والحمد لله وحده * (نص ما وجد في الأصل المطبوع عليه) * وقع تمام النصف الأخير من كتاب البدائع في ترتيب الشرائع للكاساني تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان على مذهب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه الحمد لله الذي وهب التوفيق لاتمام النصف من كتابة الكتاب والصلاة والسلام على خير خلقه سيدنا محمد خير من نطق بالصواب وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين إلى يوم الحساب على يد أضعف العباد الفقير الحقير المعترف بالذنب والتقصير الراجي رحمه الله الباري عبد الله بن المرحوم الحاج عبد الرحيم المدعو باللبقي غفر الله له ولوالده ولاخوانه في خمسة أيام خلت من ذي الحجة سنة 1170
(٣٩٦)