بالاذن انه لا يصير مأذونا ما لم يعلم باذن الأب منهم من أثبت اختلاف الروايتين في جواز الاذن القائم من غير علم العبد ومنهم من لم يثبت الاختلاف وفرق بين العبد والصبي فجعل العلم شرطا في الصبي دون العبد (ووجه) الفرق ان انحجار العبد لحق مولاه فإذا أذن انفك بمبايعته فقد أسقط حق نفسه فانفك الحجر فصار مأذونا بخلاف الصبي لان انحجاره عن التصرف لحق نفسه لا لحق أبيه ألا ترى ان العهدة تلزمه دون أبيه فشرط علمه بالاذن الذي هو إزالة الحجر ليكون لزوم العهدة في التجارة مضافا إليه ويحتمل ان يفرق بينهما من وجه آخر وهو ان الاذن على سبيل الاستفاضة سبب لحصول العلم لهما جميعا الا ان السبب لا يقام مقام المسبب الا لضرورة والضرورة في حق العبد دون الصبي لان الناس يحتاجون إلى مبايعة العبد المأذون لان الاذن للعبد بالتجارة من عادات التجار وإذا وجد الاذن على الاستفاضة وانه سبب لحصول العلم غالبا فالناس يعاملونه بناء على هذه الدلالة ثم يظهر انه ليس بمأذون لانعدام العلم حقيقة فتتعلق ديونهم بذمة المفلس وتتأخر إلى ما بعد العتق فيؤدى إلى الضرر بهم بخلاف الصبيان لان اذن الصبي بالتجارة ليس من عادة التجار والناس أيضا لا يعاملون الصبيان عادة ولو توقف الاذن على حقيقة العلم لا يلحقهم الضرر الا على سبيل الندرة والنار ملحق بالعدم والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يظهر به الاذن بالتجارة فنقول ما يظهر به الاذن بالتجارة نوعان أحدهما من جهة المولى والثاني من جهة العبد أما الذي من جهة المولى فهو تشهيره الاذن واشاعته بان ينادى أهل السوق انى قد أذنت لعبدي فلانا بالتجارة فبايعوه وهو المسمى بالإذن العام وأما الذي من جهة العبد فهو اخباره عن كونه مأذونا بالتجارة بان لم يكن الاذن من المولى عاما أو قدم مصرا لم يشتهر فيه اذن المولى فقال إن مولاي أذن لي في التجارة والاذن بالتجارة يظهر بكل واحد من النوعين أما الأول فلا شك فيه لحصول العلم للسامعين بحس السمع من الاذن ولغير السامعين بالنقل بطريق التواتر وأما الثاني فلان خبر الواحد مقبول في المعاملات ولا يشترط فيه العدد ولا العدالة ألا ترى انه لو جاء عبد أو أمة إلى إنسان فقال هذه هدية بعثني بها مولاي إليك جاز له القبول كذا هذا وهذا لأن هذه المعاملات في العادات يتعاطاها العبيد والخدم والفسق فيهم غالب فلو لم يقبل خبرهم فيها لوقع الناس في الحرج وإذا قبل خبره ظهر الاذن فيسع الناس ان يعاملوه غير أنهم ان بنوا معاملاتهم على الاذن العام فعاملوه فلحقه دين يباع فيه كسبه ورقبته بدين التجارة وان عاملوه بناء على اخباره فلحقه دين يباع كسبه بالدين ولا تباع رقبته ما لم يحضر المولى فيقر باذنه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب * (فصل) * واما بيان ما يملكه المأذون من التصرف ومالا يملكه فنقول وبالله تعالى التوفيق كل ما كان من باب التجارة أو توابعها أو ضروراتها يملكه المأذون ومالا فلا لان كل ذلك داخل في الاذن بالتجارة فيملك الشراء والبيع بالنقد والنسيئة والعروض لان كل ذلك من التجارة ومن عادة التجار وكذلك يملك البيع والشراء بغبن يسير بالاجماع لأنه من التجارة ولا يمكن التحرز عنه حتى ملكه الأب والوصي وكذا بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة رضي الله عنه وعندهما لا يملك (وجه) قولهما أن البيع بغبن فاحش في معنى التبرع ألا يرى أنه لو فعله المريض يعتبر من الثلث كما في سائر التبرعات والمأذون لا يملك التبرع (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله ان هذا بيع وشراء على الاطلاق لوقوع اسم الشراء والبيع عليه مطلقا فكان تجارة مطلقة فدخلت تحت الاذن بالتجارة ثم فرق أبو حنيفة رحمه الله بين المأذون وبين الوكيل حيث سوى البيع والشراء في المأذون وفرق بينهما في الوكيل حيث قال إن المأذون يملك البيع والشراء بالغبن الفاحش والوكيل لا يملك الشراء بالغبن الفاحش بالاجماع (ووجه) الفرق له أن امتناع جواز الشراء بالغبن الفاحش في باب الوكالة لمكان التهمة لجواز انه اشترى لنفسه فلما ظهر الغبن أظهر الشراء لموكله فلم يجز للتهمة حتى أن الوكيل لو كان وكل بشراء شئ بعينه ينفذ على الموكل لانعدام التهمة لأنه لا يملك الشراء لنفسه ومعنى التهمة لا يتقدر في المأذون لأنه لا يملك الشراء لنفسه فاستوى فيه البيع والشراء وهل يملك المأذون ان
(١٩٤)