* (فصل) * وأما الذي يدخل على وصف المقر به فهو أن يكون المقر به معلوم الأصل مجهول الوصف نحو أن يقول غصب من فلان عبدا أو جارية أو ثوبا من العروض فيصدق في البيان من جنس ذلك سليما كان أو معيبا لأن الغصب يرد على السليم والمعيب عادة وقد بين الأصل وأجمل الوصف فيرجع في بيان الوصف إليه فيح متصلا ومنفصلا ومتى صح بيانه يلزمه الرد ان قدر عليه وان عجز عنه تلزمه القيمة لان المغصوب مضمون على هذا الوجه والقول قوله في مقدار قيمته مع يمينه لأنه منكر للزيادة والقول قول المنكر مع اليمين وكذلك لو أقر انه غصب من فلان دارا وقال هي بالبصرة يصدق لأنه أجمل المكان فكان القول في بيان المكان إليه فيلزمه تسليم الدار ان قدر عليه وان عجز عنه بان خربت أو قال هي هذه الدار التي في يدي زيد وزيد ينكر فالقول قول المقر عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى الآخر ولا يضمن وعند محمد يضمن قيمة الدار بناء على أن العقار غير مضمون القيمة بالغصب عندهما خلافا له فإذا أقر بألف درهم وقال هي زيوف أو نبهرجة فهذا في الأصل لا يخلو من أحد وجهين اما ان أقر بذلك مطلقا من غير بيان الجهة واما ان بين الجهة فان أطلق بان قال لفلان على ألف درهم ولم يذكر له جهة أصلا وقال هي زيوف أو نبهرجة فان وصل يصدق وان فصل لا يصدق لان اسم الدراهم اسم جنس يقع على الجياد والزيوف فكان قوله زيوف بيانا للنوع الا أنه يصح موصولا لا مفصولا لأنها عند الاطلاق تصرف إلى الجياد فكان فصل البيان رجوعا عما أقر به فلا يصح ولو قال لفلان عندي ألف درهم وقال هي زيوف أو نبهرجة يصدق وصل أو فصل لان هذا اقرار بالوديعة والوديعة مال محفوظ عند المودع وقد يكون ذلك جيدا وقد يكون زيوفا على حسب ما يودع فيقبل بيانه هذا إذا أطلق ولم يبين الجهة أما إذا بين الجهة بان قال لفلان على ألف درهم ثمن مبيع وقال هي زيوف أو نبهرجة فلا يصدق وان وصل وعليه الجياد إذا ادعى المقر له الجياد عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد ان وصل يصدق وان فصل لا يصدق (وجه) قولهما ما ذكرنا آنفا ان اسم الدراهم يقع على الزيوف كما يقع على الجياد إذ هو اسم جنس والزيافة عيب فيها واسم كل جنس يقع على السليم والمعيب من ذلك الجنس لأنه نوع من الجنس لكن عند الاطلاق ينصرف إلى الجياد فيصح بيانه موصولا لوقوعه تعيينا لبعض ما يحتمله اللفظ ولا يصح مفصولا لكونه رجوعا عن الاقرار (وجه) قول أبي حنيفة عليه الرحمة أن قوله هي زيوف بعد النسبة إلى ثمن المبيع رجوع عن الاقرار فلا يصح بيانه أن البيع عقد مبادلة فيقتضى سلامة البدلين لان كل واحد من العاقدين لا يرضى الا بالبدل السليم فكان اقراره يكون الدراهم ثمنا اقرارا بصفة السلامة فاخباره عن الزيافة يكون رجوعا فلا يصح كما إذا قال بعتك هذا العبد على أنه معيب لا يصدق وان وصل كذا هذا ولو قال لفلان على ألف درهم قرضا وقال هي زيوف فالجواب فيه كالجواب في البيع ان وصل يصدق وان فصل لا يصدق بخلاف البيع (وجه) الرواية الأولى أن القرض في الحقيقة مبادلة المال بالمال كالبيع فكان في استدعاء صفة السلامة كالبيع (وجه) الرواية الأخرى أن القرض يشبه الغصب لأنه يتم بالقبض كالغصب ثم بيان الزيافة مقبول في الغصب كذا في القرض ويشبه البيع لأنه تمليك مال بمال فلشبهه بالغصب احتمل البيان في الجملة ولشبهة بالبيع شرطنا الوصل عملا بالشبهين بقدر الامكان ولو قال غصب من فلان ألف درهم وقال هي زيوف أو نبهرجة يصدق سواء وصل أو فصل وروى عن أبي يوسف أنه لا يصدق إذا فصل والصحيح جواب ظاهر الرواية لأن الغصب في الأجود لا يستدعى صفة السلامة لأنه كما يرد على السليم يرد على المعيب على حسب ما يتفق فكان محتملا للبيان متصلا أو منفصلا لانعدام معنى الرجوع فيه ولهذا لو كان المقر به غصب عبد بان قال غصبت من فلان عبدا ثم قال غصبته وهو معيب يصدق وان فصل كذا هذا ولو قال أودعني فلان ألف درهم وقال هي زيوف يصدق بلا خلاف فصل أو وصل لان الايداع استحفاظ المال وكما يستحفظ السليم يستحفظ المعيب فكان الاخبار عن الزيافة بيانا محضا فلا يشترط لصحته الوصل لانعدام تضمن معنى الرجوع وأبو يوسف رحمه الله على ما روى عنه فرق بين الوديعة وبين الغصب حيث صدقه في الوديعة موصولا كان البيان أو مفصولا ولم يصدقه
(٢١٥)