أن لا يضمن أحد منهم شيئا وفى الاستحسان يضمن الذي طولب وجه القياس انه لم يوجد من أحد منهم ترك النقض المستحق (أما) الذين لم يطالبوا بالنقض فظاهر (وأما) الذي طولب به فلان أحد الشركاء لا يلي النقض بدون الباقين وجه الاستحسان أن المطالب بالنقض ترك النقض مع القدرة عليه لأنه يمكنه ان يخاصم الشركاء ويطالبهم بالنقض إن كانوا حضورا وإن كانوا غيبا يمكنه أن يرفع الامر إلى القاضي حتى يأمره القاضي بالنقض لان فيه حقا لجماعة المسلمين والامام يتولى ذلك لهم فيأمر الحاضر بنقض نصيبه ونصيب الغائبين فإذا لم يفعل فقد صار متعديا بترك النقض المستحق فيضمن ما تولد منه لكن بقدر حصته من الحائط في قول أبي حنيفة رحمه الله وفى قولهما عليه ضمان النصف وجه قولهما ان أنصباء الشركاء الآخرين لم يجب بها ضمان فكانت كنصيب واحد كمن جرحه رجل وعقره سبع ونهشته حية فمات من ذلك كله ان على الجارح النصف لان عقر السبع ونهش الحية لم يجب بهما ضمان فكانا كالشئ الواحد كذا هذا ولأبي حنيفة رضي الله عنه أن التلف حصل بثقل الحائط وليس ذلك معنى مختلفا في نفسه فيضمن بمقدار نصيبه والله تعالى أعلم ومنها قيام ولاية النقض وقت السقوط ولا يكتفى بثبوتها وقت المطالبة لأنه إنما يصير متعديا بترك النقض عند السقوط كأنه أسقطه فإذا لم يبق له ولاية النقض عند السقوط لم يصر متعديا بترك النقض فلا يجب الضمان عليه وعلى هذا يخرج ما إذا طولب بالنقض فلم ينقض حتى باع الدار التي فيها الحائط من إنسان وقبضه المشترى أو لم يقبضه ثم سقط على شئ فعطب به أنه لا ضمان على البائع لانعدام ولاية النقض وقت السقوط بخروج الحائط عن ملكه ولا على المشترى أيضا لانعدام المطالبة في حقه فرق بين هذا وبين ما إذا شرع جناحا إلى الطريق ثم باع الدار مع الجناح ثم وقع على إنسان انه يضمن البائع ووجه الفرق أن وجوب الضمان هناك على البائع قبيل البيع لكونه متعديا باشراع الجناح والاشراع على حاله لم يتغير فلا يتغير ما تعلق به من الضمان ووجوب الضمان لكونه متعديا بترك النقض المستحق وذلك عند سقوط الحائط وقد بطل الاستحقاق بالبيع فلم يوجد التعدي عند السقوط بترك النقض فلا يجب الضمان وعلى هذا يخرج ما إذا طولب الأب بنقض حائط الصغير فلم ينقض حتى مات الأب أو بلغ الصبي ثم سقط الحائط أنه لا ضمان فيه لان قيام الولاية وقت السقوط شرط وقد بطلت بالموت والبلوغ والله تعالى أعلم (ومنها) امكان النقض بعد المطالبة وهو أن يكون سقوط الحائط بعد المطالبة بالنقض في مدة يمكنه نقضه فيها لأن الضمان يجب بترك النقض الواجب ولا وجوب بدون الامكان حتى لو طولب بالنقض لم يفرط في نقضه ولكنه ذهب يطلب من ينقضه فسقط الحائط فتلف به شئ لا ضمان عليه لأنه إذا لم يتمكن من النقض لم يكن بترك النقض متعديا فبقي حق الغير حاصلا في يده بغير صنعه فلا يكون مضمونا عليه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب * (فصل) * وأما بيان ماهية الضمان الواجب بهذه الجناية وكيفيته فالواجب بهذه الجناية ما هو الواجب بجنسها من جناية الحافر ومن في معناه وجناية السائق والقائد والناخس وهو ما ذكرنا ان الجناية إن كانت على بني آدم وكانت نفسا فالواجب بها الدية وإن كانت ما دون النفس فالواجب بها الأرش فإذا بلغ الواجب بها نصف عشر دية الذكر وهو عشر دية الأنثى فما فوقه تتحمله العاقلة ولا تتحمل ما دون ذلك ولا ما يجب بالجناية على غير بني آدم بل يكون في ماله لما بينا فيما تقدم الا أن ظهور المالك لصاحب الحائط في الدار عند الانكار بحجة مطلقة وهي البينة شرط تحمل العاقلة حتى لو أنكرت العاقلة كون الدار ملكا لصاحب الحائط لا عقل عليهم حتى يقيم صاحب الدار البينة على الملك كذا ذكر محمد رحمه الله فقال لا تضمن العاقلة حتى يشهد الشهود على ثلاثة أشياء على التقديم إليه من سقوط الحائط وعلى أن الدار له يريديه عند الانكار أما الشهادة على الملك فلان الملك وإن كان ثابتا له بظاهر اليد لكن الظاهر لا يستحق به حق على غيره إذ هو حجة للدفع لا حجه الاستحقاق لحياة المفقود وغير ذلك فلا بد من الاثبات بالبينة وعند زفر رحمه الله تتحمل العاقلة بظاهر اليد وهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الشفعة (وأما) الشهادة على المطالبة
(٢٨٥)