ذكرا فاما إذا كان أنثى حرة فإنه يعتبر ما دون النفس منها بديتها كديتها قل أو كثر عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال تعاقل المرأة الرجل فيما كان أرشه نصف عشر الدية كالسن والموضحة أي ما كان أرشه هذا القدر فالرجل والمرأة فيه سواء لا فضل للرجل على المرأة وعن سعيد بن المسيب أنه قال تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث ديتها أي أرش الرجل والمرأة إلى ثلث ديتها سواء وهو مذهب أهل المدينة ويروون انه عليه الصلاة والسلام قال تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث ديتها وهذا نص لا يتحمل التأويل واحتج ابن مسعود رضي الله عنه بحديث الغرة انه عليه الصلاة والسلام قضى في الجنين بالغرة وهي نصف عشر الدية ولم يفصل عليه الصلاة والسلام بين الذكر والأنثى فيدل على استواء أرش الذكر والأنثى في هذا القدر (ولنا) انه بنصف بدل النفس بالاجماع وهو الدية فكذا بدل ما دون النفس لان المنصف في الحالين واحد وهو الأنوثة ولهذا ينصف ما زاد على الثلث فكذا الثلث وما دونه ولان القول بما قاله أهل المدينة يؤدى إلى القول بقلة الأرش عند كثرة الجناية وانه غير معقول والى هذا أشار ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي رحمه الله فإنه روى أنه سأل سعيد بن المسيب عن رجل قطع أصبع المرأة فقال فيها عشر من الإبل قال فان قطع ثلاثة قال ففيها ثلاثون من الإبل قال فان قطع أربعة فقال عشرون من الإبل فقال ربيعة لما كثرت جروحها وعظمت مصيبتها قل أرشها فقال أعراقي أنت قال لا بل جاهل متعلم أو عالم متبين فقال هكذا السنة يا ابن أخي وعنى به سنه زيد بن ثابت رضي الله عنه أشار ربيعة إلى ما ذكرنا من المعنى وقبله سعيد حيث لم يعترض عليه وأحال الحكم إلى السنة وبهذا تبين ان روايتهم عنه عليه الصلاة والسلام لم تصح إذ لو صحت لما اشتبه الحديث على مثل سعيد ولا حال الحكم إلى قوله عليه الصلاة والسلام لا إلى سنة زيد رضي الله عنه فدل ان الرواية لا تكاد تثبت عنه عليه الصلاة والسلام وأما حديث الغرة في الجنين فنقول بموجبه ان الحكم في أرش الجنين لا يختلف بالذكورة والأنوثة وإنما الكلام في أرش المولود والحديث ساكت عن بيانه ثم نقول احتمل انه عليه الصلاة والسلام لم يفصل في الجنين بين الذكر والأنثى لان الحكم لا يختلف ويحتمل انه لم يفصل لتعذر الفصل لعدم استواء الخلقة فلا يكون حجة مع الاحتمال هذا الذي ذكرنا إذا كان الجاني حرا والمجني عليه حرا فأما إذا كان الجاني حرا والمجني عليه عبدا فالأصل فيه عند أبي حنيفة رضي الله عنه ما ذكرنا في الفصل المتقدم ان كل شئ من الحر فيه قدر من الدية فمن العبد فيه ذلك القدر من قيمته سواء كان فيما يقصد به المنفعة أو الجمال والزينة في رواية عنه وفى رواية فيما يقصد به الجمال والزينة يجب النقصان وعندهما في جميع ذلك يجب النقصان فيقوم العبد مجنيا عليه ويقوم غير مجني عليه فيغرم الجاني فضل ما بين القيمتين وقد بينا وجه الروايتين عنه وجه قولهما في الفصل الأول * (فصل) * وأما شرائط الوجوب فهو أن تكون الجناية خطأ إذا كانت الجناية فيما في عمده القصاص فإن كانت مما لا قصاص في عمده يستوى فيه الخطأ والعمد وقد مر بيان الجنايات التي في عمدها القصاص وما لا قصاص في عمدها * (فصل) * وأما بيان الجناية التي تتحملها العاقلة والتي لا تتحملها فيما دون النفس فنقول لا خلاف انه إذا بلغ أرش الجناية فيما دون النفس من الاحراز نصف عشر الدية فصاعدا وذلك خمسمائة في الذكور ومائتان وخمسون في الإناث تتحمله العاقلة واختلف فيما دون ذلك في الرجل والمرأة قال أصحابنا رحمهم الله تعالى يكون في مال الجاني ولا تتحمله العاقلة وقال الشافعي رحمه الله تعالى العاقلة تتحمل القليل والكثير (وجه) قوله إن التحمل من العاقلة لتفريط منهم في الحفظ والنصرة وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين القليل والكثير (ولنا) ان القياس يأبى التحمل لان الجناية حصلت من غيرهم وإنما عرفنا ذلك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرش الجنين على العاقلة وهو الغرة وهي نصف عشر الدية فبقي الامر فيما دون ذلك على أصل القياس ولان ما دون ذلك ليس له أرش مقدر بنفسه فأشبه ضمان الأموال فلا تتحمل العاقلة كما لا تتحمله ضمان المال ولا يلزم على هذا أرش الأنملة فان لها أرشا
(٣٢٢)