مقدرا وهو ثلث دية الإصبع فينبغي ان تتحمله العاقلة لان الأنملة ليس لها أرش مقدر بنفسها بل بالإصبع فكانت جزأ مما له أرش مقدر وهو الإصبع فلا تتحمله العاقلة ثم ما كان أرشه نصف عشر الدية إلى ثلث الدية يؤخذ من العاقلة في سنة واحدة استدلالا بكمال الدية فان كل الدية تؤخذ من العاقلة في ثلاث سنين لاجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك فان سيدنا عمر رضي الله عنه قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فيكون اجماعا فكلما كان من الأرش قدر ثلث الدية يؤخذ في سنة واحدة لان في الدية الكاملة هكذا فإذا ازداد الأرش على ثلث الدية فقدر الثلث يؤخذ في سنة والزيادة في سنة أخرى لان الزيادة على الثلث في كل الدية تؤخذ في السنة الثانية فكذلك إذا انفردت فان زاد على الثلثين في سنتين وما زاد على ذلك في السنة قياسا على كل الدية والله تعالى أعلم (وأما) ما دون النفس من العبيد فلا تتحمله العاقلة بالاجماع لان ما دون النفس من العبيد له حكم الأموال لما ذكرنا فيما تقدم ولهذا لا يجب فيه القصاص وضمان المال لا تتحمله العاقلة والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما الذي يجب فيه أرش غير مقدر وهو المسمى بالحكومة فالكلام فيه في مواضع في بيان الجنايات التي تجب فيها الحكومة وفى تفسير الحكومة أما الأول فالأصل فيه ان ما لا قصاص فيه من الجنايات على ما دون النفس وليس له أرش مقدر ففيه الحكومة لان الأصل في الجناية الواردة على محل معصوم اعتبارها بايجاب الجابر أو الزاجر ما أمكن إذا عرف هذا فنقول في كسر العظام كلها حكومة عدل الا السن خاصة لان استيفاء القصاص بصفة المماثلة فيما سوى السن متعذر ولم يرد الشرع فيه بأرش مقدر فتجب الحكومة وأمكن استيفاء المثل في السن والشرع ورد فيها بأرش مقدر أيضا فلم تجب فيها الحكومة وفى لسان الأخرس والعين القائمة الذاهب نورها والسن السوداء القائمة واليد الشلاء والرجل الشلاء وذكر الخصي والعنين حكومة عدل لأنه لا قصاص في هذه الأشياء وليس فيها أرش مقدر أيضا لان المقصود ههنا المنفعة ولا منفعة فيها ولا زينة أيضا لأن العين القائمة الذاهب نورها لا جمال فيها عند من يعرفها على أن المقصود من هذه الأشياء المنفعة ومعنى الزينة فيها تابع فلا يتقدر الأرش لأجله وفى الإصبع والسن الزائدة حكومة عدل لأنه لا قصاص فيها وليس لها أرش مقدر أيضا لانعدام المنفعة والزينة لكنها جزء من النفس وأجزاء النفس مضمونة مع عدم المنفعة والزينة لما ذكرنا (واما) الصغير الذي لم يمش ويلم يقعد ورجله ولسانه وأذنه وأنفه وعينه وذكره ففي أنفه وأذنه كمال الدية وكذلك في يديه ورجليه إذا كان يحركهما وكذا في ذكره إذا كان يتحرك وفى لسانه حكومة العدل لا الدية وان استهل ما لم يتكلم لان الاستهلال صياح وأما العينان فإن كان يستدل بشئ على بصرهما ففيهما مثل عين الكبير وإنما كان كذلك (أما) الانف والاذن فلان المقصود منهما الجمال لا المنفعة وذلك يوجد في الصغير بكماله كما يوجد في الكبير (وأما) الأعضاء التي يقصد بها المنفعة فلا يجب فيها أرش كامل حتى يعلم صحتها بما ذكرنا فإذا علم ذلك فقد وجد تفويت منفعة الجنس في كل واحد من ذلك فيجب فيه أرش كامل فإذا لم يعلم يقع الشك في وجود سبب وجوب كمال الأرش فلا يجب الشك ولا يقال إن الأصل هو الصحة والآفة عارض فكانت الصحة ثابتة ظاهرا لأنا لا نسلم هذا الأصل في الصغير بل الأصل فيه عدم الصحة والسلامة لأنه كان نطفة وعلقة ومضغة فما لم يعلم صحة العضو فهو على الأصل على أن هذا الأصل متعارض لان براءة ذمة الجاني أصل أيضا فعارض الأصلان فسقط الاحتجاج بالأصل على الصحة على أن الصحة إن كانت ثابتة ظاهرا بحكم الأصل لأن الظاهر حجة الدفع لا حجة الاستحقاق كحياة المفقود انها تصلح لدفع الإرث لا لاستحقاقه وفى الظفر إذا نبت لا شئ فيه في قول أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه عادت المنفعة والزينة وان مات ففيه حكومة عدل لأنه لا قصاص فيه ولا له أرش مقدر وكذا إذا نبت على عيب ففيه حكومة عدل دون ذلك لان النابت عوص عن الذاهب فكأن الأول قائم ودخله عيب وكذلك قال أبو يوسف رحمه الله انه إذا نبت أسودان فيه حكومة لما أصاب من الألم بالجراحة الأولى بناء على أصله ان الألم مضمون وفى ثدي الرجل حكومة العدل لأنه لا قصاص فيه
(٣٢٣)