ذلك كله من الثلث والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان ما تبطل به الوصية فالوصية تبطل بالنص على الابطال وبدلالة الابطال وبالضرورة (أما) النصف فنحو أن يقول أبطلت الوصية التي أوصيتها لفلان أو فسختها أو نقضتها فتبطل الا التدبير خاصة فإنه لا يبطل بالتنصيص على الابطال مطلقا كان التدبير أو مقيدا الا ان المقيد منه يبطل منه بدلالة الابطال بالتمليك على ما ذكرنا وكذا إذا قال رجعت لان الرجوع عن الوصية ابطال لها في الحقيقة (وأما) الدلالة والضرورة فعلى نحو ما ذكرنا في الرجوع وقد ذكرنا ما يكون رجوعا عن الوصية ومالا يكون فيما تقدم وتبطل بجنون الموصى جنونا مطبقا لان الوصية عقد جائز كالوكالة فيكون لبقائه حكم الانشاء كالوكالة فتعتبر أهلية العقد إلى وقت الموت كما تعتبر أهلية الامر في باب الوكالة والجنون المطبق هو ان يمتد شهرا عند أبي يوسف وعند محمد سنة وقد ذكرنا في كتاب الوكالة ولو أغمي عليه لا تبطل لان الاغماء لا يزيل العقل ولهذا لم تبطل الوكالة بالاغماء وتبطل بموت الموصى له قبل موت الموصى لأن العقد وقع له لا لغيره فلا يمكن ابقاؤه على غيره وتبطل بهلاك الموصى به إذا كان عينا مشارا إليها لبطلان محل الوصية أعنى محل حكمه ويستحيل ثبوت حكم التصرف أو بقاؤه بدون وجود محله أو بقائه كما لو أوصى بهذه الجارية أو بهذه الشاة فهلكت الجارية والشاة وهل تبطل الوصية باستثناء كل الموصى به في كلام متصل اختلف فيه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله لا تبطل ويبطل الاستثناء وللموصى له جميع ما أوصى له به وقال محمد رحمه الله يصح الاستثناء وتبطل الوصية ولا خلاف في أن استثناء الكل من الكل في باب الاقرار باطل ويلزم المقر جميعا ما أقر به (وجه) قوله إن الاستثناء ههنا رجوع عما أوصى به والوصية محتملة للرجوع فيحمل على الرجوع وبهذا فارقت الاقرار لان الاقرار بالمال مما لا يحتمل الرجوع فيبطل الاستثناء ويبقى المقر به على حاله ولهما ان هذا ليس باستثناء ولا رجوع فيبطل الاستثناء رأسا وتبقى الوصية صحيحة وبيان ذلك ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا واستخراج بعض الجملة الملفوظة ولا يوجد ذلك في استثناء الكل من الكل والرجوع فسخ الوصية وابطالها ولا يتصور ذلك في الكلام المتصل ولهذا شرطنا لجواز النسخ في الأحكام الشرعية أن يكون النص الناسخ متراخيا عن المنسوخ والله تعالى أعلم * (كتاب القرض) * الكلام فيه يقع في مواضع في بيان ركن القرض وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكم القرض (أما) ركنه فهو الايجاب والقبول والايجاب قول المقرض أقرضتك هذا الشئ أو خذ هذا الشئ قرضا ونحو ذلك والقبول هو أن يقول المستقرض استقرضت أو قبلت أو رضيت أو ما يجرى هذا المجرى وهذا قول محمد رحمه الله وهو احدى الروايتين عن أبي يوسف وروى عن أبي يوسف أخرى ان الركن فيه الايجاب (وأما) القبول فليس بركن حتى لو حلف لا يقرض فلانا فاقرضه ولم يقبل لم يحنث عند محمد وهو احدى الروايتين عن أبي يوسف وفى رواية أخرى يحنث (وجه) هذه الرواية ان الاقراض إعارة لما نذكر والقبول ليس بركن في الإعارة (وجه) قول محمد ان الواجب في ذمة المستقرض مثل المستقرض فلهذا اختص جوازه بماله مثل فأشبه البيع فكان القبول ركنا فيه كما في البيع وروى عن أبي يوسف فيمن حلف لا يستقرض من فلان فاستقرض منه فلم يقرضه انه يحنث لان شرط الحنث هو الاستقراض وهو طلب القرض كالاستيام في البيع وهو طلب البيع فإذا استقرض فقد طلب القرض فوجد شرط الحنث فيحنث والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى المقرض وبعضها يرجع إلى المقرض وبعضها يرجع إلى نفس القرض (أما) الذي يرجع إلى المقرض فهو أهليته للتبرع فلا يملكه من لا يملك التبرع من الأب والوصي والصبي والعبد المأذون والمكاتب لان القرض للمال تبرع ألا ترى انه لا يقابله عوض للحال فكان تبرعا للحال فلا يجوز الا ممن يجوز منه التبرع وهؤلاء ليسوا من أهل التبرع فلا يملكون القرض (وأما) الذي يرجع إلى المقرض فمنها
(٣٩٤)