في الزنا أو معها ولد لا يعرف له أب أو لاعنت بولد لان امارة الزنا معها ظاهرة فلم تكن عفيفة فان لاعنت بغير الولد أو مع الولد لكنه لم يقطع النسب أو قطع لكن الزوج عاد وأكذب نفسه والحق النسب بالأب حد لأنه لم يظهر منها علامة الزنا فكانت عفيفة والثاني أن يكون المقذوف معلوما فإن كان مجهولا لا يجب الحد كما إذا قال لجماعة كلكم زان الا واحد أو قال ليس فيكم زان الا واحد أو قال لرجلين أحدكما زان لان المقذوف مجهول ولو قال لرجلين أحدكما زان فقال له رجل أحدهما هذا فقال لا لا حد للآخر لأنه لم يقذف بصريح الزنا ولا بما هو في معنى الصريح ولو قال لرجل جدك زان لا حد عليه لان اسم الجد ينطلق على الأسفل وعلى الاعلى فكان المقذوف مجهولا ولو قال لرجل أخوك زان فإن كان له أخوة أو أخوان سواه لا حد على القاذف لان المقذوف مجهول وان لم يكن له الا أخ واحد فعليه الحد إذا حضر وطالب لان المقذوف معلوم وليس لهذا الأخ ولاية المطالبة لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (وأما) حياة المقذوف وقت القذف فليس بشرط لوجوب الحد على القاذف حتى يجب الحد بقذف الميت لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى * (فصل) * وأما الذي يرجع إليهما جميعا فواحد وهو أن لا يكون القاذف أب المقذوف ولا جده وان علا ولا أمه ولا جدته وان علت فإن كان لا حد عليه لقول الله تعالى ولا تقل لهما أف والنهى عن التأفيف نصا نهى عن الضرب دلالة ولهذا لا يقتل به قصاصا ولقوله تبارك وتعالى وبالوالدين احسانا والمطالب بالقذف ليس من الاحسان في شئ فكان منفيا بالنص ولان توقير الأب واحترامه واجب شرعا وعقلا والمطالبة بالقذف للجد ترك التعظيم والاحترام فكان حراما والله سبحانه وتعالى الموفق * (فصل) * وأما الذي يرجع إلى المقذوف به فنوعان أحدهما أن يكون القذف بصريح الزنا وما يجرى مجرى الصريح وهو نفى النسب فإن كان بالكناية لا يوجب الحد لان الكناية محتملة والحد لا يجب مع الشبهة فمع الاحتمال أولى وبيان هذه الجملة في مسائل إذا قال لرجل يا زاني أو قال زنيت أو قال أنت زاني يحد لأنه أتى بصريح القذف بالزنا ولو قال يا زانئ بالهمز أو زنأت بالهمز يحد ولو قال عنيت به الصعود في الجبل لا يصدق لان العامة لا تفرق بين المهموز والملين وكذا من العرب من يهمز الملين فبقي مجرد النية فلا يعتبر ولو قال زنأت في الجبل يحد ولو قال عنيت به الصعود في الجبل لا يصدق في قولهما وعند محمد رحمه الله يصدق ولو قال زنأت على الجبل وقال عنيت به الصعود لا يصدق بالاجماع (وجه) قول محمد رحمه الله ان الزنا الذي هو فاحشة ملين يقال زنا يزنى زنا والزنا الذي هو صعود مهموز يقال زنأ يزنأ زنأ وقال الشاعر * وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل * وأراد به الصعود الا أنه إذا لم يقل عنيت به الصعود حمل على الزنا المعروف لان اسم الزنا يستعمل في الفجور عرفا وعادة وإذا قال عنيت به الصعود فقد عنى به ما هو موجب اللفظ لغة فلزم اعتباره (وجه) قولهما أن اسم الزنا يستعمل في الفجور عرفا وعادة والعامة لا تفصل بين المهموز والملين بل تستعمل المهموز ملينا والملين مهموزا فلا يصدق في الصرف عن المتعارف كما إذا قال زنيت في الجبل وقال عنيت به الصعود أو زنأت ولم يذكر الجبل الا أنه استعمل كلمة في مكان كلمة على وأنه جائز قال الله سبحانه وتعالى ولأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل ومن مشايخنا من علل لهما بان المهموز منه يحتمل معنى الملين وهو الزنا المعروف لان من العرب من يهمز الملين فيتعين معنى الملين بدلالة الحال وهي حال الغضب لان المسألة مقصورة فيها وإذا قال زنأت على الجبل وقال عنيت به الصعود لم يصدق لأنه لا تستعمل كلمة على في الصعود فلا يقال صعد على الجبل وإنما يقال صعد في الجبل ولو قال لرجل يا ابن الزاني فهو قاذف لأبيه كأنه قال أبوك زاني ولو قال يا ابن الزانية فهو قاذف لامه كأنه قال أمك زانية ولو قال يا ابن الزاني والزانية فهو قاذف لأبيه وأمه كأنه قال أبواك زانيان ولو قال يا ابن الزنا أو يا ولد الزنا كان قذفا لان معناه في عرف الناس وعادتهم انك مخلوق من ماء الزنا ولو قال يا ابن الزانيتين يكون قذفا ويعتبر احصان أمه التي ولدته لا احصان جدته حتى لو كانت أمه مسلمة فعليه الحد وإن كانت
(٤٢)