لا يمنع جواز القسمة فتقسم الدار ويجبر على القسمة ومتى قسمت فان وقع البيت المقر به في نصيب المقر دفعه إلى المقر له لان الاقرار قد صح وتسليم عين المقر به ممكن فيؤمر بالتسليم وان وقع في نصيب شريكه يدفع إليه قدر ذرع المقر به من نصيب نفسه فيقسم ما أصابه بينه وبين المقر له فيضرب المقر له بذرع البيت ويضرب المقر بنصف ذرع الدار بعد البيت وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف عليهما الرحمة وقال محمد رحمه الله يضرب المقر بنصف ذرع الدار كما قالا ولكن المقر له يضرب بنصف ذرع البيت لا بكله حتى لو كان ذرع الدار مائة وذرع البيت عشرة فتقسم الدار بينهما نصفين يكون للمقر له عشرة أذرع عندهما لأنه جميع ذرع البيت والباقي وهو خمسة وأربعون للمقر لأنه نصف ذرع الدار بعد ذرع البيت وعند محمد رحمه الله يكون للمقر له خمسة أذرع إذ هو نصف ذرع البيت المقر به (وجه) قول محمد رحمه الله ان الاقرار صادف محلا معينا مشتركا بينه وبين غيره لان كل جزأين من الدار أحدهما له والآخر لصاحبه على الشيوع فيبطل في نصيب صاحبه ويصح في نصيبه وذلك يوجب للمقر له نصف ذرع البيت (وجه) قولهما ان الاقرار بالمشترك لا يتعلق بالعين قبل القسمة بل هو موقوف وإنما يتعلق بها بعد القسمة ألا ترى انه لم يمنع صحة القسمة ولو تعلق بالعين لمنع فإذا قسمت الدار الآن يتعلق بالعين فان وقع المقر به في نصيب المقر يؤمر بالتسليم لأنه قادر على تسليم العين وان وقع في نصيت صاحبه فقد عجز عن تسليم عينه فيؤمر بتسليم بدله من نصيبه وهو تمام ذرع المقر به هذا إذا كان المقر به شيئا يحتمل القسمة فإن كان مما لا يحتمل القسمة كبيت من حمام مشتركة بينه وبين غيره أقر انه لرجل وأنكر صاحبه فيصح اقراره ولكن يجبر على قسمته لان قسمة الاضرار فيما لا يحتمل الجبر على ما ذكرناه في موضعه ويلزمه نصف قيمة البيت لأنه عجز عن تسليم العين والاقرار بعين معجوز التسليم يكون اقرارا ببدله تصحيحا لتصرفه وصيانة لحق الغير بالقدر الممكن كالاقرار بجذع في الدار والله تعالى أعلم * (فصل) * هذا الذي ذكرنا قسمة الأعيان (وأما) قسمة المنافع فهي المسماة بالمهايئات والكلام فيها في مواضع في بيان أنواع المهايئات وما يجوز منها ومالا يجوز وفي بيان محل المهايئات وفي بيان صفة المهايئات وفي بيان ما يملك كل واحد من الشريكين من التصرف بعد المهايئات ومالا يملك (أما) الأول فالمهايئات نوعان نوع يرجع إلى المكان ونوع يرجع إلى الزمان (أما) النوع الأول فهو أن يتهايئا في دار واحدة على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة منها يسكنها وانه جائز لان المهايئات قسمة فتعتبر بقسمة العين وقسمة العين على هذا الوجه جائزة فكذا قسمة المنافع وكذا لو تهايئا على أن يأخذ أحدهما السفل والآخر العلو جاز ذلك لما قلنا ولا يشترط بيان المدة في هذا النوع لان قسمة المنافع ليست بمبادلة المنفعة لان مبادلة المنفعة بجنسها غير جائزة عندنا كإجازة السكنى بالسكنى والخدمة بالخدمة وكذلك لو تهايئا في دارين وأخذ كل واحد منهما دارا يسكنها أو يستغلها فهو جائز بالاجماع (أما) عند أبي يوسف ومحمد فلا شك فيه لان قسمة الجمع في عين الدور جائزة فكذا في المنافع (وأما) أبو حنيفة رحمه الله فيحتاج إلى الفرق بين العين وبين المنفعة (وجه) الفرق له ان الدور في حكم أجناس مختلفة لتفاحش التفاوت بين دار ودار في نفسها وبنائها وموضعها ولا تجوز قسمة الجمع في جنسين مختلفين على ما مر (وأما) التفاوت في المنافع فقل ما يتفاحش بل يتقارب فلم تلتحق منافع الدارين بالأجناس المختلفة فجازت القسمة وكذلك لو تهايئا في عبدين على الخدمة جاز بالاجماع (أما) عندهما فلان قسمة الجمع في أعيان الرقيق جائزة وكذا في منافعها (ووجه) الفرق لأبي حنيفة رحمه الله على نحو ما ذكرنا في الدارين ولو تهايئا في عبدين فأخذ كل واحد منهما عبدا يخدمه وشرط كل واحد منهما على نفسه طعام العبد الذي يخدمه جاز استحسانا والقياس أن لا يجوز (ووجهه) ان طعام كل واحد من العبدين على الشريكين جميعا على المناصفة فاشتراط كل الطعام من كل واحد منهما على نفسه يخرج مخرج معاوضة بعض الطعام بالبعض وانها غير جائزة للجهالة (ووجه) الاستحسان ان هذا النوع من الجهالة لا يفضى إلى المنازعة لان مبنى الطعام على المسامحة في العرف والعادة دون المضايقة بخلاف ما إذا شرط كل واحد منهما على نفسه كسوة
(٣١)