القدر الذي تتحمل العاقلة وهو نصف عشر دية الرجل وما لم يبلغ ذلك القدر أو كان منها في غير بني آدم يكون في ماله لان تحميل العاقلة ثبت بخلاف القياس لعدم الجناية منهم وقد قال الله تبارك وتعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى عرفناه بنص خاص في بني آدم بهذا القدر فبقي الامر فيما دونه وفى غير بني آدم على الأصل ولا كفارة عليه ولا يحرم الميراث لو كان وارثا للمجني عليه ولا الوصية لو كان أجنبيا لأنه لم يباشر القتل وقد قالوا فيمن وضع كناسة في الطريق فعطب بها انسان أنه يضمن لان التلف حصل بوضعه وهو في الوضع متعد وقال محمد ان وضع ذلك في طريق غير نافذة وهو من أهله لم يضمن لعدم التعدي منه إذ الطريق مشترك بين أهل السكة فيكون لكل واحد من أهلها الانتفاع به كالدار المشتركة ولو سقط الميزاب الذي نصبه صاحب الدار إلى طريق المسلمين على إنسان فقتله ان أصابه الطرف الداخل في الحائط لم يضمن لأنه في ذلك القدر متصرف في ذلك نفسه فلم يكن متعديا فيه وان أصابه الطرف الخارج إلى الطريق يضمن لأنه متعد في اخراجه إلى الطريق وان أصابه الطرفان جميعا يضمن النصف لأنه متعد في النصف لا غير وإن كان لا يدرى فالقياس أن لا يضمن شيئا لأنه إن كان أصابه الطرف الداخل لا يضمن وإن كان أصابه الطرف الخارج يضمن والضمان لم يكن واجبا فوقع الشك في وجوبه فلا يجب بالشك وفى الاستحسان يضمن النصف لأنه إذا لم يعرف الطرف الذي أصابه انه الداخل أو الخارج يجعل كأنه أصابه الطرفان جميعا كما في الغرقى والحرقى انه إذا لم يعرف التقدم والتأخر في موتهم يجعل كأنهم ماتوا جملة واحدة في أوان واحد حتى لا يرث البعض من البعض كذا هذا ولو أحدث شيئا مما ذكرنا في المسجد بأن حفر بئرا في المسجد لأجل الماء أو بنى فيه بناء دكانا أو غيره فعطب به انسان فإن كان الحافر والباني من أهل المسجد فلا ضمان عليه وإن كان من غير أهله فان فعل باذن أهل المسجد فكذلك وان فعل بغير اذنهم يضمن بالاجماع لان تدبير مصالح المسجد إلى أهل المسجد فما فعلوه لا يكون مضمونا عليهم كالأب أو الوصي إذا فعل شيئا من ذلك في دار اليتيم ومتولي الوقف إذا فعل في الوقف وأما غير أهل المسجد فليس له ولاية التصرف في المسجد بغير اذن أهل المسجد فإذا فعل بغير اذنهم كان متعديا في فعله فكان مضمونا عليه ولو علق قنديلا أو بسط حصيرا أو القى فيه الحصى فإن كان من أهل المسجد فلا ضمان عليه وان لم يكن من أهل ذلك المسجد فان فعله باذن أهل المسجد فكذلك وان فعل بغير اذنهم يضمن في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وفى قولهما لا يضمن (وجه) قولهما ان المسجد لعامة المسلمين فكان كل واحد من آحاد المسلمين بسبيل من إقامة مصالحه ولأن هذه المصالح من عمارة المسجد وقد قال الله تبارك وتعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله من غير تخصيص الا ان لأهل المسجد ضرب اختصاص به فيظهر ذلك في التصرف في نفسه بالحفر والبناء لا في القنديل والحصير كالمالك مع المستعير أن للمستعير ولاية بسط الحصير وتعليق القنديل في دار الإعارة وليس له ولاية الحفر والبناء كذا هذا ولأبي حنيفة رحمه الله ما ذكرنا أن التدبير في مصالح المسجد إلى أهل المسجد لا إلى غيرهم بدليل أن لهم ولاية منع غيرهم عن التعليق والبسط عمارة المسجد فكان الغير متعديا في فعله فالمتولد منه يكون مضمونا عليه كما لو وضع شيئا في دار غيره بغير اذنه فعطب به انسان ولهذا ضمن بالحفر والبناء كذا هذا وكون المسجد لعامة المسلمين لا يمنع اختصاص أهله بالتدبير والنظر في مصالحه كالكعبة فإنها لجميع المسلمين ثم اختص بنو شيبة بمفاتحها حتى روى أنه عليه الصلاة والسلام لما أخذ مفتاح الكعبة منهم ودفعه إلى عمه العباس رضي الله عنه عند طلبه ذلك امره الله تبارك وتعالى برده إلى بنى شيبة بقوله تبارك وتعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها ولو جلس في المسجد فعطب به انسان إن كان في الصلاة لا يضمن الجالس سواء كان الجالس من أهل المسجد أو لم يكن من أهله لان المسجد بنى للصلاة فلو أخذ المصلى بالضمان لصار الناس ممنوعين عن الصلاة في المساجد وهذا لا يجوز وان جلس لحديث أو نوم فعطب به انسان فيضمن في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى قولهما لا يضمن وجه قولهما ان الجلوس في المسجد لغير الصلاة من الحديث والنوم مباح فلم
(٢٧٩)