الجهاد ولكن يقصدون بذلك الكفرة دون المسلمين لأنه لا ضرورة في القصد إلى قتل مسلم بغير حق وكذا إذا تترسوا بأطفال المسلمين فلا بأس بالرمي إليهم لضرورة إقامة الفرض لكنهم يقصدون الكفار دون الأطفال فان رموهم فأصاب مسلما فلا دية ولا كفارة وقال الحسن بن زياد رحمه الله تجب الدية والكفارة وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله (وجه) قول الحسن ان دم المسلم معصوم فكان ينبغي ان يمنع من الرمي الا انه لم يمنع لضرورة إقامة الفرض فيتقدر بقدر الضرورة والضرورة في رفع المؤاخذة لا في نفى الضمان كتناول مال الغير حالة المخمصة انه رخص له التناول لكن يجب عليه الضمان لما ذكرنا كذلك ههنا (ولنا) انه كما مست الضرورة إلى دفع المؤاخذة لإقامة فرض القتال مست الضرورة إلى نفى الضمان أيضا لان وجوب الضمان يمنع من إقامة الفرض لأنهم يمتنعون منه خوفا من لزوم الضمان وايجاب ما يمنع من إقامة الواجب متناقض وفرض القتال لم يسقط دل ان الضمان ساقط بخلاف حالة المخمصة لان وجوب الضمان هناك لا يمنع من التناول لأنه لو لم يتناول لهلك وكذا حصل له مثل ما يجب عليه فلا يمنع من التناول فلا يؤدى إلى التناقض ولا ينبغي للمسلمين ان يستعينوا بالكفار على قتال الكفار لأنه لا يؤمن غدرهم إذ العداوة الدينية تحملهم عليه الا إذا اضطروا إليهم والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان من يحل قتله من الكفرة ومن لا يحل فنقول الحال لا يخلوا اما أن يكون حال القتال أو حال ما بعد الفراغ من القتال وهي ما بعد الاخذ والأسر اما حال القتال فلا يحل فيها قتل امرأة ولا صبي ولا شيخ فان ولا مقعد ولا يابس الشق ولا أعمى ولا مقطوع اليد والرجل من خلاف ولا مقطوع اليد اليمنى ولا معتوه ولا راهب في صومعة ولا سائح في الجبال لا يخالط الناس وقوم في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب اما المرأة والصبي فلقول النبي عليه الصلاة والسلام لا تقتلوا امرأة ولا وليدا وروى أنه عليه الصلاة والسلام رأى في بعض غزواته امرأة مقتولة فأنكر ذلك وقال عليه الصلاة والسلام هاه ما أراها قاتلت فلم قتلت ونهى عن قتل النساء والصبيان ولان هؤلاء ليسوا من أهل القتال فلا يقتلون ولو قاتل واحد منهم قتل وكذا لو حرض على القتال أو دل على عورات المسلمين أو كان الكفرة ينتفعون برأيه أو كان مطاعا وإن كان امرأة أو صغيرا لوجود القتال من حيث المعنى وقد روى أن ربيعة بن رفيع السلمي رضي الله عنه أدرك دريد بن الصمة يوم حنين فقتله وهو شيخ كبير كالقفة لا ينتفع الا برأيه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه والأصل فيه إن كان من كان من أهل القتال يحل قتله سواء قاتل أو لم يقاتل وكل من لم يكن من أهل القتال لا يحل قتله الا إذا قاتل حقيقة أو معنى بالرأي والطاعة والتحريض وأشباه ذلك على ما ذكرنا فيقتل القسيس والسياح الذي يخالط الناس والذي يجن ويفيق والأصم والأخرس وأقطع اليد اليسرى وأقطع احدى الرجلين وان لم يقاتلوا لأنهم من أهل القتال ولو قتل واحد ممن ذكرنا انه لا يحل قتله فلا شئ فيه من دية ولا كفارة الا التوبة والاستغفار لان دم الكافر لا يتقوم الا بالأمان ولم يوجد واما حال ما بعد الفراغ من القتال وهي ما بعد الاسرار والاخذ فكل من لا يحل قتله في حال القتال لا يحل قتله بعد الفراغ من القتال وكل من يحل قتله في حال القتال إذا قاتل حقيقة أو معنى يباح قتله بعد الاخذ والأسر الا الصبي والمعتوه الذي لا يعقل فإنه يباح قتلهما في حال القتال إذا قاتلا حقيقة ومعنى ولا يباح قتلهما بعد الفراغ من القتال إذا أسرا وان قتلا جماعة من المسلمين في القتال لان القتل بعد الأسر بطريق العقوبة وهما ليسا من أهل العقوبة فاما القتل في حالة القتل فلدفع شر القتال وقد وجد الشر منهما فأبيح قتلهما لدفع الشر وقد انعدم الشر بالأسر فكان القتل بعده بطريق العقوبة وهما ليسا من أهلها والله سبحانه وتعالى أعلم ويكره للمسلم ان يبتدئ أباه الكافر الحربي بالقتل لقوله تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا أمر سبحانه وتعالى بمصاحبة الأبوين الكافرين بالمعروف والابتداء بالقتل ليس من المصاحبة بالمعروف وروى أن حنظلة رضي الله عنه غسيل الملائكة عليهم الصلاة والسلام استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه فنهاه عليه الصلاة والسلام ولان الشرع أمر باحيائه بالنفقة عليه فالامر بالقتل فيه افناؤه يكون متناقضا فان قصد الأب قتله يدفعه عن
(١٠١)