فان هناك لا عرف فعمل بحقيقة اللفظ ولا يصار إلى المجاز الا بالدليل الظاهر ولا يدخل فيه مولى الموالاة لان مولى العتاقة يتقدم عليه والله سبحانه وتعالى أعلم ثم لا خلاف في أنه إذا قال ثلث مالي لموالي فلان انه يدخل في الوصية جميع من نجز اعتاقه في صحته وفى مرضه وسواء كان أعتقه قبل الوصية أو بعدها لان نفاذ الوصية متعلق بالموت وكل من أعتقه في المرض أو في الصحة بعد ان نجز اعتاقه صار مولى بعد الموت فيستحق الوصية فاما المدبرون وأمهات الأولاد فهل يدخلون تحت هذه الوصية (روى) عن أبي يوسف انهم يدخلون وروى عنه رواية أخرى انهم لا يدخلون وهو قول محمد ذكره في الجامع وجه الرواية الأولى ان تعلق نفوذ الوصية أو ان الموت وهم مواليه في ذلك الوقت فإنهم يستحقون الوصية (وجه) ظاهر الرواية ان أوان نفوذ الوصية وهو وقت الموت أوان عتقهم فيعتقون في تلك الحالة ثم يصيرون مواليه بعده والوصية تناولت من كان مولى عند موته وهم في تلك الحالة ليسوا بمواليه فلا يدخلون في الوصية (ولو كان) قال ذلك بعد ان قال إن لم أضربك فأنت حر فمات قبل ان يضربه عتق ودخل في الوصية لأنه عتق في آخر جزء من اجزاء حياته لتحقق عدم الضرب منه في تلك الحالة ووقوع الياس عن حصوله من قبله فيصير مولى له ثم يعتقه الموت ثم تنفذ الوصية فكان مولى وقت نفوذ الوصية ووجوبها بخلاف المسألة الأولى والله تعالى أعلم بالصواب * (وأما) * الذي يرجع إلى الموصى به فأنواع منها أن يكون مالا أو متعلقا بالمال لان الوصية ايجاب الملك أو ايجاب ما يتعلق بالملك من البيع والهبة والصدقة والاعتاق ومحل الملك هو المال فلا تصح الوصية بالميتة والدم من أحد ولا حد لأنهما ليسا بمال في حق أحد ولا بجلد الميتة قبل الدباغ وكل ما ليس بمال وقد ذكرنا ذلك في كتاب البيوع (ومنها) أن يكون المال متقوما فلا تصح الوصية بمال غير متقوم كالخمر فإنها وإن كانت مالا حتى تورث لكنها غير متقومة في حق المسلم حتى لا تكون مضمونة بالاتلاف فلا تجوز الوصية من المسلم وله بالخمر ويجوز ذلك من الذمي لأنها مال متقوم في حقهم كالخل وتجوز بالكلب المعلم لأنه متقوم عندنا ألا ترى انه مضمون بالاتلاف ويجوز بيعه وهبته سواء كان المال عينا أو منفعة عند عامة العلماء حتى تجوز الوصية بالمنافع من خدمة العبد وسكنى الدار وظهر الفرس وقال ابن أبي ليلى رحمه الله لا تجوز الوصية بالمنافع (وجه) قوله إن الوصية بالمنافع وصية بمال الوارث لان نفاذ الوصية عند الموت وعند الموت تحصل المنافع على ملك الورثة لان الرقبة ملكهم وملك المنافع تابع لملك الرقبة فكانت المنافع ملكهم لان الرقبة ملكهم فكانت الوصية بالمنافع وصية من مال الوارث فلا تصح ولان الوصية بالمنافع في معنى الإعارة إذ الإعارة تمليك المنفعة بغير عوض والوصية بالمنفعة كذلك والعارية تبطل بموت المعير فالموت لما أثر في بطلان العقد على المنفعة بعد صحته فلان يمنع من الصحة أولى لان المنع أسهل من الرفع (ولنا) انه لما ملك تملك حال حياته بعقد الإجارة والإعارة فلان يملك بعقد الوصية أولى لأنه أوسع العقود ألا ترى انها تحتمل مالا يحتمله سائر العقود من عدم المحل والحظر والجهالة ثم لما جاز تمليكها ببعض العقود فلان يجوز بهذا العقد أولى والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب (وأما) قوله إن الوصية وقعت بمال الوارث فممنوع وقوله ملك الرقبة عند موت الموصى مسلم لكن المنفعة يتبع ملك الرقبة إذا أفرد المنفعة بالتمليك وإذا لم يفرد الأول ممنوع والثاني مسلم وهنا أفرد بالتمليك فلا يتبع ملك الرقبة وهذا لان الموصى إذا أفرد ملك المنفعة بالوصية فقد جعله مقصودا بالتمليك وله هذه الولاية فلا يبقى تبعا لملك الذات بل يصير مقصودا بنفسه بخلاف الإعارة لان المعير وان جعل ملك المنفعة مقصودا بالتمليك لكن في الحال لا بعد الموت لأنه إنما يعار الشئ للانتفاع في حال الحياة عادة لا بعد الموت فينتفى العقد بالموت وأما الوصية فتمليك بعد الموت فكان قصده تمليكه المنفعة بعد الموت فكانت المنافع مقصودة بالتمليك بعد الموت فهو الفرق ونظيره من وكل وكيلا في حال حياته فمات الموكل ينعزل الوكيل ولو أضاف الوكالة إلى ما بعد موته جاز حتى يكون وصيا بعد موته وسواء كانت الوصية بالمنافع مؤقتة بوقت من سنة أو شهر أو كانت مطلقة عن التوقيت لان الوصية بالمنافع في معنى الإعارة لأنها تمليك المنفعة بغير عوض ثم الإعارة تصح مؤقتة ومطلقة عن الوقت وكذا الوصية غير أنها إذا كانت
(٣٥٢)