العبد الذي يخدمه انه لا يجوز لأنه يجرى في الكسوة من المضايقة مالا يجرى في الطعام في العرف والعادة فكانت الجهالة في الكسوة مفضية إلى المنازعة مع أن ما ان الجهالة في الكسوة تتفاحش بخلاف الطعام لذلك افترقا والله تعالى أعلم (وأما) التهايؤ في الدواب بأن أخذ أحدهما دابة ليركبها والآخر دابة أخرى من جنسها يستغلها وشرط الاستغلال فغير جائز عند أبي حنيفة وعندهما جائز (وجه) قولهما ظاهر لان قسمة الجمع في أعيان الدواب من جنس واحد جائزة فكذا قسمة المنافع ولأبي حنيفة الفرق بين المنفعة وبين المنفعة انه جوز الجمع في أعيانها ولم يجوز في منافعها (ووجه) الفرق انها باعتبار أعيانها جنس واحد لكنها في منفعة الركوب في حكم جنسين مختلفين بدليل ان من استأجر دابة ليركبها لم يملك ان يؤاجرها للركوب ولو فعل لضمن فأشبه اختلاف جنس المنفعة اختلاف جنس العين واختلاف جنس العين عنده مانع جواز قسمة الجمع كذا في المنفعة بخلاف المهايئات في الدارين والعبدين انها جائزة لان هناك المنافع متقاربة غير متفاحشة بدليل ان المستأجر فيها يملك الإجارة من غيره فلم يختلف جنس المنفعة فجازت المهايئات (وأما) النوع الثاني وهو المهايئات بالزمان فهو ان يتهايئا في بيت صغير على أن يسكنه هذا يوما وهذا يوما أو في عبد واحد على أن يخدم هذا يوما وهذا يوما وهذا جائز لقوله تبارك وتعالى قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم أخبر سبحانه وتعالى عن نبيه سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام المهايئات في الشرب ولم ينكره سبحانه وتعالى والحكيم إذا حكى عن منكر غيره فدل على جواز المهايئات بالزمان بظاهر النص وثبت جواز النوع الآخر من طريق الدلالة لأنها أشبه بالمقاسمة من النوع الأول ولأن جواز المهايئات بالزمان لمكان حاجات الناس وحاجتهم إلى المهايئات بالمكان أشد لان الأعيان كلها في احتمال المهايئات بالزمان شرع سواء من الأعيان مالا يحتمل المهايئات بالمكان كالعبد والبيت الصغير ونحوهما فلما جازت تلك فلان تجوز هذه أولى والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان محل المهايئات فنقول ولا قوة الا بالله تعالى جل شأنه ان محلها المنافع دون الأعيان لأنها قسمة المنفعة دون العين فكان محلها المنفعة دون العين حتى أنهما لو تهايئا في نخل أو شجر بين شريكين على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يستثمرها لا يجوز وكذلك إذا تهايئا في الغنم المشتركة على أن يأخذ كل واحد منهم قطيعا وينتفع بألبانها لا يجوز لما ذكرنا ان هذا عقد قسمة المنافع والثمر واللبن عين مال فلا تدخل تحت عقد المهايئات ولو تهايئا في الأراضي المشتركة على أن يأخذ كل واحد منهما نصفها ويذرع جاز لان ذلك قسمة المنافع وهو معنى المهايئات والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما صفة المهايئات فهي انها عقد غير لازم حتى لو طلب أحدهما قسمة العين بعد المهايئات قسم الحاكم بينهما وفسخ المهايئات لأنها كالخلف عن قسمة العين وقسمة العين كالأصل فيما شرعت له القسمة لان القسمة شرعت لتكميل منافع الملك وهذا المعنى في قسمة العين أكمل ولهذا لو طلب أحدهما القسمة قبل المهايئات أجبره الحاكم على القسمة فكان عقدا جائزا فاحتمل الفسخ كسائر العقود الجائزة ولا يبطل بموت أحد الشريكين بخلاف الإجارة لأنها لو بطلت لأعادها القاضي للحال ثانيا فلا يفيد * (فصل) * وأما بيان ما يملك كل واحد منهما من التصرف بعد المهايئات اما في المهايئات بالمكان فلكل واحد منهما ان يستغل ما اصابه بالمهايئات سواء شرط الاستغلال في العقد أو لا وسواء تهايئا في دار واحدة أو دارين لان المنافع بعد المهايئات تحدث على ملك كل واحد منهما فيما أخذه فيملك التصرف فيه بالتمليك من غيره وبه تبين ان المهايئات في هذا النوع ليست بإعارة لان العارية لا تؤاجر (وأما) المهايئات بالزمان فلكل واحد منهما ان يسكن أو يستخدم لما ذكرنا لكن لابد من ذكر الوقت من اليوم والشهر ونحو ذلك بخلاف المهاياة بالمكان ان لكل واحد منهما ولاية السكنى والاستغلال مطلقا لان الحاجة إلى ذكر الوقت لتصير المنافع معلومة والمهايئات بالمكان قسمة منافع مقدرة مجموعة بالمكان ومكان المنفعة معلوم فصارت المنافع معلومة بالعلم بمكانها فجازت المهايأة (وأما) المهايأة بالزمان فقسمة مقدرة
(٣٢)