لأنه سبب لثبوت الملك في العين قبل الهلاك فكان في معنى التجارة وكذلك عقر الجارية المستحقة بان اشترى جارية فوطئها ثم استحقت لان الواجب وإن كان قيمة منافع البضع لكن منافع البضع لا تتقوم الا بالعقد فتلحق بالواجب بالعقد فكان في حكم ضمان التجارة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ومنها النكاح بإذن المولى لأنه لم يشرع بدون المهر * (فصل) * وأما بيان سبب ظهور الدين فسبب ظهوره شيئان أحدهما اقراره بالدين وبكل ما هو سبب لتعلق الدين بمحل يستوفى منه وهو ما ذكرنا لان اظهار ذلك بالاقرار من ضرورات التجارة على ما بينا فيملكه المأذون والثاني قيام البينة على ذلك عند الانكار لان البينة حجة مظهرة للحق ولا ينتظر حضور المولى بل يقضى عليه ولو كان محجورا فقامت البينة عليه بالغصب لم يقض عليه حتى يحضر المولى (ووجه) الفرق أن الشهادة في المأذون قامت عليه لا على المولى لان يد التصرف له لا للمولى فيملك الخصومة فكانت الشهادة قائمة عليه لا على المولى فلا معنى لشرط حضور المولى بخلاف المحجور لأنه لا يد له فلا يملك الخصومة فكانت الشهادة قائمة على المولى فشرط حضوره لئلا يكون قضاء على الغائب ولو ادعى على العبد المحجور وديعة مستهلكة أو بضاعة أو شيئا كان أصله أمانة لا يقضى بها للحال عند أبي حنيفة ومحمد عليها الرحمة وعند أبي يوسف رحمه الله يقضى بها للحال بناء على أن العبد لا يؤاخذ بضمان وديعة مستهلكة للحال عندهما وإنما يؤاخذ به بعد العتاق فيتوقف القضاء بالضمان إليه وعنده يؤخذ به للحال فلا يتوقف والله سبحانه وتعالى أعلم وكذلك لو أقامت البينة على اقرار المأذون بذلك قضى عليه ولا يشترط حضور المولى ولو قامت البينة على اقرار المحجور بالغصب لم يقض عليه وإن كان المولى حاضرا لان المحجور لو أقر بذلك لما نفذ على مولاه للحال كذا إذا قامت البينة على اقراره بخلاف المأذون ولو قامت البينة على العبد المأذون أو المحجور على سبب قصاص أو حد من القتل والقذف والزنا والشرب لم يقض بها حتى يحضر المولى عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف يقضى بها وإن كان غائبا واجمعوا على أنه لو أقر بالحدود والقصاص فإنها تقام من غير حضرة المولى (وجه) قول أبى يوسف ان العبد أجنبي عن المولى فيما يرجع إلى الحدود والقصاص ألا ترى انه يصح اقراره بهما من غير تصديق المولى ولا يصح اقرار المولى من غير تصديقه فكانت هذه شهادة قائمة عليه لا على المولى فلا يشترط حضوره ولهذا لم يشترط حضرة المولى في الاقرار (وجه) قولهما أن العبد بجميع أجزائه مال المولى وإقامة الحدود والقصاص اتلاف ماله عليه فيصان حقه عن الاتلاف ما أمكن وفى شرط الحضور صيانة حقه عن الاتلاف بقدر الامكان لأنه لو كان حاضرا عسى يدعى شبهة مانعة من الإقامة وحق المسلم تجب صيانته عن البطلان ما أمكن ومثل هذه الشبهة مما لا بنعد في الاقرار بعد صحته لذلك افترقا وكذلك إذا قامت البينة على عبد أنه سرق عشرة دراهم وهو يجحد ذلك أنه لو كان المولى حاضرا تقطع ولا يضمن السرقة مأذونا كان أو محجورا بلا خلاف لان القطع مع الضمان لا يجتمعان وإن كان غائبا فإذا كان العبد مأذونا يضمن السرقة ولا يقطع لان غيبة المولى لا تمنع القضاء بالضمان في حق المأذون ومتى وجب الضمان امتنع القطع لأنهما لا يجتمعان وعلى قياس أبى يوسف هذا والفصل الأول سواء يقطع ولا يضمن السرقة ولان حضرة المولى عنده ليس بشرط للقضاء بالقطع والقطع يمنع الضمان وإن كان محجورا لا تسمع البينة على السرقة فلا يقضى عليه بقطع ولا ضمان عندهما (أما) القطع فلان حضرة المولى شرط ولم يوجد (وأما) الضمان فلان غيبة المولى تمنع القضاء بالضمان في حق المحجور وعنده يقطع ولا يضمن لما قلنا ولو قامت البينة على سرقة ما دون النصاب فإن كان مأذونا قبلت ولزمه الضمان دون القطع سواء حضر المولى أو غاب لان سرقة ما دون النصاب لا توجب القطع فبقي دعوى السرقة ودعوى الضمان على المأذون وحضرة المولى ليست بشرط للقضاء بالمضان على المأذون وإن كان محجورا لا تسمع بينته أصلا (أما) على القطع فظاهر وأما على المال فلان حضور المولى شرط القضاء على
(٢٠٢)