للزوج ان يضارب الغرماء بنصف المهر فيقول إنها أقرت باستيفاء جميع المهر منى وهي لا تستحق بالطلاق قبل الدخول الا نصف المهر فصار نصف المهر دينا لي عليها فانا أضرب مع غرمائها لان اقرارها بالاستيفاء إنما يصح في حق براءة الزوج عن المهر لا في حق اثبات الشركة في مالها مع غرمائها لان ديونهم ديون الصحة واقرارها للزوج في حالة المرض فلا يصح في حقهم ولو كان الزوج دخل بها فأقرت باستيفاء المهر ثم طلقها طلاقا بائنا أو رجعيا ثم ماتت بعد انقضاء العدة فكذلك الجواب لان الزوج عند الموت ليس بوارث ولو ماتت قبل انقضاء العدة لا يصح اقرارها (أما) في الطلاق الرجعي فلان الزوجية باقية والوراثة قائمة (وأما) في البائن فلان العدة باقية وكانت ممنوعة من هذا الاقرار لقيام النكاح في حالة العدة فكان النكاح قائما من وجه فلا يزول المنع ما دام المانع قائما من وجه ولهذا لا تقبل شهادة المعتدة لزوجها وإن كان الطلاق بائنا وإذا لم يصح اقرارها وعليها ديون الصحة فيستوفى أصحاب ديون الصحة ديونهم فان فضل من مالها شئ ينظر إلى المهر والى ميراثه منها فيسلم له الأقل منهما ومشايخنا يقولون إن هذا الجواب على قول أبي حنيفة رضي الله عنه (وأما) على قولهما يجب أن يكون اقرارها باستيفاء المهر من الزوج صحيحا في حق التقديم على الورثة في جميع ما أقرت (وأصل) المسألة في كتاب الطلاق في المريض يطلق امرأته بسؤالها ثم يقر لها بمال انه يصح اقراره عندهما لأنها أجنبية لا ميراث لها منه وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول لها الأقل من نصيبها من الميراث ومما أقر لها به فهما يعتبران ظاهر كونها أجنبية وأبو حنيفة رحمه الله يقول يحتمل انهما تواضعا على ذلك ليقر لها بأكثر من نصيبها فكان متهما فيما زاد على ميراثها في حق سائر الورثة فلم يصح فهذا كذلك والعبد المأذون في حالة المرض في الاقرار باستيفاء دين الصحة والمرض كالحر لأنه يملك الاقرار باستيفاء الدين وقبضه كالحر فكل ما صح من الحر يصح منه ومالا فلا والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما اقرار المريض بالابراء بان أقر المريض انه كان أبرأ فلانا من الدين الذي عليه في صحته لا يجوز لأنه لا يملك انشاء الابراء للحال فلا يملك الاقرار به بخلاف الاقرار باستيفاء الدين لأنه اقرار بقبض الدين وانه يملك انشاء القبض فيملك الاخبار عنه بالاقرار والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما الاقرار بالنسب فهو الاقرار بالوارث وهو نوعان أحدهما اقرار الرجل بوارث والثاني اقرار الوارث بوارثه ويتعلق بكل واحد منهما حكمان حكم النسب وحكم الميراث اما الاقرار بوارث فلصحته في حق ثبات النسب شرائط منها أن يكون المقر به محتمل الثبوت لان الاقرار اخبار عن كائن فإذا استحال كونه فالاخبار عن كائن يكون كذبا محضا وبيانه ان من أقر بغلام انه ابنه ومثله لا يلد مثله لا يصح اقراره لأنه يستحيل أن يكون ابنا له فكان كذبا في اقراره بيقين ومنها ان لا يكون المقر بنسبه معروف النسب من غيره فإن كان لم يصح لأنه إذا ثبت نسبه من غيره لا يحتمل ثبوته له بعده ومنها تصديق المقر بنسبه إذا كان في يد نفسه لان اقراره يتضمن ابطال يده فلا تبطل الا برضاه ولا يشترط صحة المقر لصحة اقراره بالنسب حتى يصح من الصحيح والمريض جميعا لان المرض ليس بمانع لعينه بل لتعلق حق الغير أو التهمة فكان ذلك منعدم اما التعلق فظاهر العدم لأنه لا يعرف التعلق في مجهول النسب وكذلك معنى التهمة لان الإرث ليس من لوازم النسب فان لحرمان الإرث أسبابا لا تقدح في النسب من القتل والرق واختلاف الدين والدار والله سبحانه وتعالى أعلم ومنها أن يكون فيه حمل النسب على الغير سواء كذبه المقر بنسبه أو صدقه لان اقرار الانسان حجة على نفسه لا على غيره لأنه على غيره شهادة أو دعوى والدعوى المفردة ليست بحجة وشهادة الفرد فيما يطلع عليه الرجال وهو من باب حقوق العباد غير مقبولة والاقرار الذي فيه حمل نسب الغير على غيره اقرار على غيره لا على نفسه فكان دعوى أو شهادة وكل ذلك لا يقبل الا بحجة وعلى هذا يجوز اقرار الرجل بخمسه نفر الوالدين والولد والزوجة والمولى ويجوز اقرار المرأة بأربعة نفر الوالدين والزوج والمولى ولا يجوز بالولد لأنه ليس في الاقرار بهؤلاء حمل نسب الغير على غيره اما الاقرار بالولاء فظاهر لأنه ليس فيه حمل نسب إلى أحد
(٢٢٨)