جناية أخرى ودفعه بالجنايتين أنه يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعها إلى ولى الجناية الأولى ومعلوم أن نصف القيمة عوض عن نصف الرقبة الذي سلم له فقد اجتمع في ملكه وهو نصف العبد العوض والمعوض لان الممتنع اجتماع العوض والمعوض في ملك رجل بعقد المعاوضة ولم يوجد هناك لان ولى الجناية إنما يأخذ عوضا عن جنايته لا عن المال واجتماع العوض والمعوض في ملك رجل واحد بغير عقد المعاوضة جائز كمن استوهب المبيع من البائع والثمن من المشترى أو ورثهما والله سبحانه وتعالى أعلم وإن كان الجاني عبدا والمجني عليه حرا أو كانا جميعا عبدين فحكم هذه الجناية وجوب الدفع الا أن يختار المولى أن الفداء على ما ذكرنا في جنايات العبيد والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما الذي يجب فيه أرش مقدر ففي كل اثنين من البدن فيهما كمال الدية في أحدهما نصف الدية من احدى العينين واليدين والرجلين والاذنين والحاجبين إذا لم تنبت والشفتين والأثنيين والثديين والحلمتين لما روى أنه عليه الصلاة والسلام كتب في كتاب عمرو بن حزم وفى العينين الدية وفى إحداهما نصف الدية وفى اليدين الدية وفى إحداهما نصف الدية ولان كل الدية عند قطع العضوين يقسم عليهما فيكون في أحدهما النصف لان وجوب الكل في العضوين لتفويت كل المنفعة المقصودة من العضوين والفائت بقطع أحدهما النصف فيجب فيه نصف الدية ويستوى فيه اليمين واليسار لان الحديث لا يوجب الفصل بينهما وسواء ذهب بالجناية على العين نور البصر دون الشحمة أو ذهب البصر مع الشحمة لان المقصود من العين البصر والشحمة فيه تابعة وكذا العليا والسفلى من الشفتين سواء عند عامة الصحابة رضوان الله تعالى عنهم وروى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه انه فصل بينهما فأوجب في السفلى الثلثين وفى العليا الثلث لزيادة جمال في العليا ومنفعة في السفلى وبقية الصحابة سووا بنيهما وهو قول جماعة من التابعين مثل شريج وإبراهيم رضي الله عنهما وغيرهما سواء قطع الحلمة من ثدي المرأة أو قطع الثدي وفيه الحلمة ففيه نصف الدية للحلمة والثدي تبع لان المقصود من الثدي وهو منفعة الرضاع يفوته بفوات الحلمة وسواء كان ذلك بضربة أو ضربتين إذا كان قبل البرء من الأولى لان الجناية لا تستقر قبل البرء فإذا اتبعها الثانية قبل استقرارها صار كأنه أوقعهما معا وفى أصابع اليدين والرجلين في كل واحدة منها عشر الدية وهي في ذلك سواء لا فضل لبعض على بعض والأصل فيه ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في كل إصبع عشر من الإبل من غير فصل بين إصبع وإصبع وروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال هذه وهذه سواء وأشار إلى الخنصر والابهام وسواء قطع أصابع اليد وحدها أو قطع الكف ومعها الأصابع وكذلك القدم مع الأصابع لما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في الأصابع في كل إصبع عشر من الإبل من غير فصل بين ما إذا قطع الأصابع وحدها أو قطع الكف التي فيها الأصابع ولان الأصابع أصل والكف تابعة لها لان المنفعة المقصودة من اليد البطش وانها تحصل بالأصابع فكان اتلافها اتلافا لليد وساء قطع الأصابع أو شل من الجراحة أو يبس ففيه عقله تاما لان المقصود منه يفوت وما كان من الأصابع فيه ثلاث مفاصل ففي كل مفصل ثلث دية الإصبع وما كان فيه مفصلان ففي كل واحد منهما نصف دية الإصبع ولان ما في الإصبع ينقسم على مفاصلها كما ينقسم ما في اليد على عدد الأصابع وفى احدى أشفار العينين ربع الدية وفى الأنثيين نصف الدية وفى الثلاث ثلاثة أرباع الدية ان لم ينبت لان في الأشفار كلها كل الدية فتقسم الدية على عددها كما تقسم الدية على اليدين وان نبت فلا شئ فيه وسواء قطع الشفر وحده أو قطع معه الجفن لان الجفن تبع للشفر كالكف والقدم للأصابع وكذا أهداب العينين إذا لم تنبت حكمها حكم الأشفار وفى كل سن خمس من الإبل يستوى فيه المقدم والمؤخر والثنايا والأضراس والأنياب والأصل فيه ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في كل سن خمس من الإبل من غير فصل بين سن وسن ومن الناس من فضل أرش الطواحن على أرش الضواحك وهذا غير سديد لان الحديث
(٣١٤)