الآخر وقال رأيته يصلى في مسجد كذا وهو منكر لا تقبل ولكن يجبر على الاسلام لان الشاهدين اتفقا على وجود الصلاة منه بجماعة في المسجد لكنهما اختلفا في المسجد وذا يوجب اختلاف المكان لانفس الفعل وهو الصلاة فقد اجتمع شاهدان على فعل واحد حقيقة لكن تعتبر شهادتهما في الجبر على الاسلام لا في القتل لان فعل الصلاة وإن كان متحدا حقيقة فهو مختلف صورة لاختلاف محل الفعل فأورث شبهة في القتل والله سبحانه وتعال اعلم وأما الحكم بالاسلام من طريق التبعية فان الصبي يحكم باسلامه تبعا لأبويه عقل أو لم يعقل ما لم يسلم بنفسه إذا عقل ويحكم باسلامه تبعا للدار أيضا والجملة فيه ان الصبي يتبع أبويه في الاسلام والكفر ولا عبرة بالدار مع وجود الأبوين أو أحدهما لأنه لا بد له من دين تجرى عليه أحكامه والصبي لا يتهم بذلك اما لعدم عقله واما القصورة فلا بد وان يجعل تبعا لغيره وجعله تبعا للأبوين أولى لأنه تولد منهما وإنما الدار منشأ وعند انعدامهما في الدار التي فيها الصبي تنتقل التبعية إلى الدار لان الدار تستتبع الصبي في الاسلام في الجملة كاللقيط فإذا أسلم أحد الأبوين فالولد يتبع المسلم لأنهما استويا في جهة التبعية وهي التولد والتفرع فيرجح المسلم بالاسلام لأنه يعلو ولا يعلى عليه ولو كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا فالولد كتابي لان الكتابي إلى أحكام الاسلام أقرب فكان الاسلام منه أرجى وبيان هذه الجملة إذا سبى الصبي وأخرج إلى دار الاسلام فهذا لا يخلو من ثلاثة أوجه اما ان سبى مع أبويه واما ان سبى مع أحدهما واما ان سبى وحده فان سبى مع أبويه فما دام في دار الحرب فهو على دين أبويه حتى لو مات لا يصلى عليه وهذا ظاهر وكذا إذا سبى مع أحدهما وكذلك إذا خرج إلى دار الاسلام ومعه أبواه أو أحدهما لما بينا فان مات الأبوان بعد ذلك فهو على دينهما حتى يسلم بنفسه ولا تنقطع تبعية الأبوين بموتهما لان بقاء الأصل ليس بشرط لبقاء الحكم في التبع وان أخرج إلى دار الاسلام وليس معه أحدهما فهو مسلم لان التبعية انتقلت إلى الدار على ما بينا ولو أسلم أحد الأبوين في دار الحرب فهو مسلم تبعا له لان الولد يتبع خير الأبوين دينا لما بينا وكذا إذا أسلم أحد الأبوين في دار الاسلام ثم سبى الصبي بعده وأدخل في دار الاسلام فهو مسلم تبعا له لأنه جمعهما دار واحدة لان تبعية الدار لا تعتبر مع أحد الأبوين لما ذكرنا فاما قبل الادخال في دار الاسلام فلا يكون مسلما لأنهما في دارين مختلفين واختلاف الدار يمنع التبعية في الأحكام الشرعية والله سبحانه وتعالى اعلم ثم إنما تعتبر تبعية الأبوين والدار إذا لم يسلم بنفسه وهو يعقل الاسلام فاما إذا أسلم وهو يعقل الاسلام فلا تعتبر التبعية ويصح اسلامه عندنا وعند الشافعي رحمه الله لا يصح واحتج بقوله عليه الصلاة والسلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ أخبر عليه الصلاة والسلام أن الصبي مرفوع القلم والفقه مستنبط منه وهو أن الصبي لو صح اسلامه اما أن يصح فرضا واما ان يصح نفلا ومعلوم أن التنفل بالاسلام محال والفرضية بخطاب الشرع والقلم عنه مرفوع ولان صحة الاسلام من الأحكام الضارة فإنه سبب لحرمان الميراث والنفقة ووقوع الفرق بين الزوجين والصبي ليس من أهل التصرفات الضارة ولهذا لم يصح طلاقه وعتاقه ولم يجب عليه الصوم والصلاة فلا يصح اسلامه (ولنا) انه آمن بالله سبحانه وتعالى عن غيب فيصح ايمانه كالبالغ وهذا لان الايمان عبارة عن التصديق لغة وشرعا وهو تصديق الله سبحانه وتعالى في جميع ما أنزل على رسله أو تصديق رسله في جميع ما جاؤوا به عن الله تبارك وتعالى وقد وجد ذلك منه لوجود دليله وهو اقرار العاقل وخصوصا عن طوع فترتب عليه الأحكام لأنها مبنية على وجود الايمان حقيقة قال الله تبارك وتعالى ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا وقال عليه الصلاة والسلام لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن وقوله إنه مرفوع القلم قلنا نعم في الفروع الشرعية فاما في الأصول العقلية فممنوع ووجوب الايمان من الأحكام العقلية فيجب على كل عاقل والحديث يحمل على الأحكام الشرعية توفيقا بين الدلائل وبه نقول والله سبحانه وتعالى أعلم وأما أحكام الايمان فنقول والله سبحانه وتعالى الموفق للايمان حكمان أحدهما يرجع إلى الآخرة والثاني يرجع إلى الدنيا أما الذي يرجع إلى الآخرة فكينونة المؤمن من أهل الجنة إذا ختم عليه قال الله تعالى من جاء بالحسنة فله
(١٠٤)