بالزمان فلا تصير معلومة الا بذكر زمان معلوم فهو الفرق والله سبحانه وتعالى أعلم وهل يملك كل واحد منهما الاستغلال في نوبته لا خلاف في أنهما إذا لم يشترطا لم يملك فاما إذا شرطا ذكر القدوري عليه الرحمة انه لا يملك لان هذا النوع من المهايأة في معنى الإعارة والعارية لا تؤجر وذكر الأصل ان التهايؤ في الدار الواحدة على السكنى والغلة جائزة (منهم) من قال المذكور في الأصل ليس بمهايئات حقيقة لوجهين أحدهما انه أضاف التهايؤ إلى الغلة دون الاستغلال والغلة لا تحتمل التهايؤ حقيقة إذ هي عين والتهايؤ قسمة النافع دون الأعيان والثاني انه ذكر فيه ان غلة الدار إذا وصلت في يد أحدهما شاركه فيه صاحبه وليس ذلك حكم جواز المهايئات وكما أن المهايأة بالمكان في الدارين إذا تهايئا ان يأخذ كل واحد منهما وأخذه يستغلها فاستغلها ففضل من الغلة في يد أحدهما ان الفاضل يكون له خاصة ويكون المذكور في الأصل محمولا على ما إذا اصطلحا على أن يأخذ هذا غلة شهر وذلك غلة شهر وسمى ذلك مهايأة مجازا وان لم يكن ذلك مهايأة حقيقة في هذه الصورة يكون فضل الغلة مشتركا بينهما وعلى هذا يرتفع اختلاف الروايتين ويحتمل أن يكون المذكور في الأصل دليلا على شرط جواز الاستغلال إذ الغلة يجوز ان تذكر بمعنى الاستغلال في الجملة وقد قام دليل إرادة الاستغلال ههنا وهو قرينة التهايؤ إذ هي عبارة عن قسمة المنافع دون الغلة التي هي عين ماله وكذا التهايؤ يكون على شئ هو مقدور التهايؤ وهو فعل الاستغلال دون عين الغلة ولهذا قرن بها السكنى الذي هو فعل الساكن ويكون قوله ما فضل من الغلة في يده يشاركه فيه صاحبه محمولا على ما إذا تهايئا بشرط الاستغلال ابتداء ثم اصطلحا على أن يأخذ كل واحد منهما غلة شهر وفى هذه الصورة يكون فضل الغلة بينهما كما في الدارين فعلى هذا ثبت اختلاف روايتي الحاكم وأحمد بن الحسين القدوري عليهم الرحمة والله سبحانه وتعالى أعلم * (كتاب الحدود) * جمع محمد رحمه الله بين مسائل الحدود وبين مسائل التعزير وبدأ بمسائل الحدود فبدأ بما بدأ به فنقول وبالله سبحانه وتعالى التوفيق الكلام في الحدود يقع في مواضع في بيان معنى الحد لغة وشرعا وفي بيان أسباب وجوب الحدود وشرائط وجوبها وفي بيان ما يظهر به وجوبها عند القاضي وفي بيان صفاتها وفي بيان مقدار الواجب منها وفي بيان شرائط جواز اقامتها وفي بيان كيفية اقامتها وموضع الإقامة وفي بيان ما يسقطها بعد الوجوب وفي بيان حكمها إذا اجتمعت وفي بيان حكم المحدود (أما) الأول لحد في اللغة عبارة عن المنع ومنه سمى البواب حدادا لمنعه الناس عن الدخول وفى الشرع عبارة عن عقوبة مقدرة واجبة حقا لله تعالى عز شانه بخلاف التعزير فإنه ليس بمقدر قد يكون بالضرب وقد يكون بالحبس وقد يكون بغيرهما وبخلاف القصاص فإنه وإن كان عقوبة مقدرة لكنه يجب حقا للعبد حتى يجرى فيه العفو والصلح سمى هذا النوع من العقوبة حدا لأنه يمنع صاحبه إذا لم يكن ملتفا وغيره بالمشاهدة ويمنع من يشاهد ذلك ويعاينه إذا لم يكن متلفا لأنه يتصور حلول تلك العقوبة بنفسه لو باشر تلك الجناية فيمنعه ذلك من المباشرة والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان أسباب وجوبها فلا يمكن الوصول إليه الا بعد معرفة أنواعها لان سبب وجوب كل نوع يختلف باختلاف النوع فنقول الحدود خمسة أنواع حد السرقة وحد الزنا وحد الشرب وحد السكر وحد القذف (أما) حد السرقة فسبب وجوبه السرقة وسنذكر ركن السرقة وشرائط الركن في كتاب السرقة (وأما) حد الزنا فنوعان جلد ورجم وسبب وجوب كل واحد منهما وهو الزنا وإنما يختلفان في الشرط وهو الاحصان فالاحصان شرط لوجوب الرجم وليس بشرط لوجوب الجلد فلابد من معرفة الزنا والاحصان في عرف الشرع أما الزنا فهو اسم للوطئ الحرام في قبل المرأة الحية في حالة الاختيار في دار العدل ممن التزم أحكام الاسلام العاري عن حقيقة الملك وعن شبهته وعن حق الملك وعن حقيقة النكاح وشبهته وعن شبهة الاشتباه في موضع الاشتباه في الملك والنكاح
(٣٣)