المأذون لان اقرار المأذون إنما صح لكونه من ضرورات التجارة على ما ذكر في كتاب المأذون والمحجور لا يملك التجارة فلا يملك ما هو من ضروراتها الا انه يصح اقراره في حق نفسه حتى يؤاخذ به بعد الحرية لأنه من أهل الاقرار لوجود العقل والبلوغ الا انه امتنع النفاذ على المولى للحال لحقه فإذا عتق فقد زال المانع فيؤاخذ به وكذا يصح اقراره بالحدود والقصاص فيؤاخذ به للحال لان نفسه في حق الحدود والقصاص كالخارج عن ملك المولى ولهذا لو أقر المولى عليه بالحدود والقصاص لا يصح وكذلك الصحة ليست بشرط لصحة الاقرار والمرض ليس بمانع حتى يصح اقرار المريض في الجملة لان صحة اقرار الصحيح برجحان جانب الصدق على جانب الكذب وحال المريض أدل على الصدق فكان اقراره أولى بالقبول على ما نذكره في موضعه وكذلك الاسلام ليس بشرط لصحة الاقرار لأنه في الاقرار على نفسه غير متهم ومنها ان لا يكون متهما في اقراره لان التهمة تخل برجحان الصدق على جانب الكذب في اقراره لان اقرار الانسان على نفسه شهادة قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم والشهادة على نفسه اقرار دل ان الاقرار شهادة وانها ترد بالتهمة وفروع هذه المسائل تأتى في خلال المسائل إن شاء الله تعالى ومنها الطوع حتى لا يصح اقرار المكره لما ذكرنا في كتاب الاكراه ومنها أن يكون المقر معلوما حتى لو قال رجلا لفلان على واحد منا ألف درهم لا يصح لأنه إذا لم يكن معلوما لا يتمكن له المقر له من المطالبة فلا يكون في هذا الاقرار فائدة فلا يصح وكذلك إذا قال أحدهما غصب واحد منا وكذلك إذا قال واحد منا زنى أو سرق أو شرب أو قذف لان من عليه الحد غير معلوم فلا يمكن إقامة الحد وأما الذين يخص بعض الأقارير دون البعض فمعرفته مبنية على معرفة أنواع المقر به فنقول ولا قوة الا بالله تعالى ان المقر به في الأصل نوعان أحدهما حق الله تعالى عز شأنه والثاني حق العبد اما حق الله سبحانه وتعالى فنوعان أيضا أحدهما أن يكون خالصا لله تعالى وهو حد الزنا والسرقة والشرب والثاني أن يكون للعبد فيه حق وهو حد القذف ولصحة الاقرار بها شرائط ذكرناها في كتاب الحدود * (فصل) * وأما حق العبد فهو المال من العين والدين والنسب والقصاص والطلاق والعتاق ونحوها ولا يشترط لصحة الاقرار بها ما يشترط لصحة الاقرار بحقوق الله تعالى وهي ما ذكرنا من العدد ومجلس القضاء والعبارة حتى أن الأخرس إذ اكتب الاقرار بيده أو أوما بما يعرف انه اقرار بهذه الأشياء يجوز بخلاف الذي اعتقل لسانه لان للأخرس إشارة معهودة فإذا أتى بها يحصل العلم بالمشار إليه وليس ذلك لمن اعتقل لسانه ولان إقامة الإشارة مقام العبارة أمر ضروري والخرس ضرورة لأنه أصلى (فأما) اعتقال اللسان فليس من باب الضرورة لكونه على شرف الزوال بخلاف الحدود لأنه لا يجعل ذلك اقرارا بالحدود لما بينا ان مبنى الحدود على صريح البيان بخلاف القصاص فإنه غير مبنى على صريح البيان فإنه إذا أقر مطلقا عن صفة التعمد بذكر آلة دالة عليه وهي السيف ونحوه يستوفى بمثله القصاص وكذا لا يشترط لصحة الاقرار بها الصحو حتى يصح اقرار السكران لأنه يصدق في حق المقر له انه غير صاحي أو لأنه ينزل عقله قائما في حق هذه التصرفات فيلحق فيها بالصاحي مع زوال حقيقة عقوبة عليه وحقوق العباد تثبت مع الشبهات بخلاق حقوق الله تعالى لكن الشرائط المختصة بالاقرار بحقوق العباد نوعان نوع يرجع إلى المقر له ونوع يرجع إلى المقر به (أما) الذي يرجع إلى المقر له فنوع واحد وهو أن يكون معلوما موجودا كان أو حملا حتى لو كان مجهولا بان قال لواحد من الناس على أو لزيد على ألف درهم لا يصح لأنه لا يملك أحد مطالبته فلا يفيد الاقرار حتى لو عين واحدا بان قال عنيت به فلانا يصح ولو قال لحمل فلانة على ألف درهم فان بين جهة يصح وجوب الحق للحمل من تلك الجهة بان قال المقر أوصى بها فلان له أو مات أبوه فورثه صح الاقرار لان الحق يجب له من هذه الجهة فكان صادقا في اقراره فيصح وان أجمل الاقرار لا يصح عند أبي يوسف وعند محمد يصح (وجه) قول محمد ان اقرار العاقل يجب حمله على الصحة ما أمكن وما أمكن حمله على اقراره على جهة مصححة له وهي ما ذكرنا فوجب
(٢٢٣)