لا ينطلق الا باطلاقه وعند محمد والشافعي رحمهما الله زوال الحجر على السفيه بظهور رشده لان الحجارة كان بسفهه فانطلاقه يكون بضده وهو رشده والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) الفصل الثاني وهو فصل الحبس فالحبس على نوعين حبس المديون بما عليه من الدين وحبس العين بالدين أما الأول فالكلام فيه في مواضع في بيان سبب وجوب الحبس وفي بيان شرائط الوجوب وفي بيان ما يمنع عنه المحبوس ومالا يمنع أما سبب وجوب الحبس فهو الدين قل أو كثر وأما شرائط الوجوب فأنواع بعضها يرجع إلى الدين وبعضها يرجع إلى المديون وبعضها يرجع إلى صاحب الدين (أما) الذي يرجع إلى الدين فهو أن يكون حالا فلا يحبس في الدين المؤجل لان الحبس لدفع الظلم المتحقق بتأخير قضاء الدين ولم يوجد من المديون لان صاحب الدين هو الذي أخر حق نفسه بالتأجيل وكذا لا يمنع من السفر قبل حلول الأجل سواء بعد محله أو قرب لأنه لا يملك مطالبته قبل حل الأجل ولا يمكن منعه ولكن له ان يخرج معه حتى إذا حل الأجل منعه من المضي في سفره إلى أن يوفيه دينه (وأما) الذي يرجع إلى المديون فمنها القدرة على قضاء الدين حتى لو كان معسر الا يحبس لقوله سبحانه وتعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولان الحبس لدفع الظلم بايصال حقه إليه ولو ظلم فيه لعدم القدرة ولأنه إذا لم يقدر على قضاء الدين لا يكون الحبس مفيدا لان الحبس شرع للتوسل إلى قضاء الدين لا لعينه ومنها المطل وهو تأخير قضاء الدين لقوله عليه الصلاة والسلام مطل الغنى ظلم فيحبس دفعا للظلم لقضاء الدين بواسطة الحبس وقوله عليه الصلاة والسلام لي الواجد يحل عرضه وعقوبته والحبس عقوبة وما لم يظهر منه المطل لا يحبس لانعدام المطل واللى منه ومنها أن يكون من عليه الدين ممن سوى الوالدين لصاحب الدين فلا يحبس الوالدون وان علوا بدين المولودين وان سفلوا لقوله تبارك وتعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا وقوله تعالى وبالوالدين احسانا وليس من المصاحبة بالمعروف والاحسان حبسهما بالدين الا أنه إذا امتنع الوالد من الانفاق على ولده الذي عليه نفقته فان القاضي يحبسه لكن تعزيرا لا حبسا بالدين (وأما) الولد فيحبس بدين الوالد لان المانع من الحبس حق الوالدين وكذا سائر الأقارب يحبس المديون بدين قريبه كائنا من كان ويستوى في الحبس الرجل والمرأة لان الموجب للحبس لا يختلف بالذكورة والأنوثة ويحبس ولى الصغير إذا كان ممن يجوز له قضاء دينه لأنه إذا كان الظلم بسبيل من قضاء دينه صار بالتأخير ظالما فيحبس ليقضى الدين فيندفع الظلم (وأما) الذي يرجع إلى صاحب الدين فطلب الحبس من القاضي فما لم يطلب لا يحبس لان الدين حقه والحبس وسيلة إلى حقه ووسيلة حق الانسان حقه وحق المرء إنما يطلب بطلبه فلابد من الطلب للحبس وإذا عرف سبب وجوب الدين وشرائطه فان ثبت عند القاضي السبب مع شرائطه بالحجة حبسه لتحقق الظلم عنده بتأخير حقه من غير ضرورة والقاضي نصب لدفع الظلم فيندفع الظلم عنه وان اشتبه على القاضي حاله في يساره واعساره ولم يقم عنده حجة على أحدهما وطلب الغرماء حبسه فإنه يحبسه ليتعرف عن حاله انه فقير أم غنى فان علم أنه غنى حبسه إلى أن يقضى الدين لأنه ظهر ظلمه بالتأخير وان علم أنه فقير خلى سبيله لأنه ظهر انه لا يستوجب الحبس فيطلقه ولكن لا يمنع الغرماء عن ملازمته عند أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم الا إذا قضى القاضي بالانظار لاحتمال ان يرزقه الله سبحانه وتعالى مالا إذ المال غاد ورائح وعند زفر رحمه الله لا يلازمونه لقوله تبارك وتعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ذكر النظرة بحرف الفاء فثبت من غير قضاء القاضي (ولنا) ان النظرة هي التأخير فلابد وان يؤخر وهو ان يؤخره القاضي أو صاحب الحق لا يمنعونه من التصرف ولا من السفر فإذا اكتسب يأخذون فضل كسبه فيقتسمونه بينهم بالحصص وإذا مضى على حبسه شهر أو شهران أو ثلاثة ولم ينكشف حاله في اليسار والاعسار خلى سبيله لان هذا الحبس كان لاستبراء حاله وابلاء غدره والثلاثة الأشهر مدة صالحة لاشتهار الحال وابلاء العذر فيطلقه لكن الغرماء لا يمنعون من ملازمته فيلازمونه لكن لا يمنعونه من التصرف والسفر على ما ذكرنا ولو اختلفا في اليسار والاعسار فقال الطالب هو موسر وقال المطلوب انا معسر فان قامت لأحدهما بينة قبلت بينته وان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة الطالب لأنها تثبت
(١٧٣)