أبى يوسف ان الملك لا يزول الا بالقضاء فكان المؤثر في الزوال هو القضاء وعلى هذا الاختلاف المرتدة إذ لحقت بدار الحرب لان المعنى لا يوجب الفصل ولو ارتد الزوجان معا ثم جاءت بولد ثم قتل الأب على ردته فان جاءت به لأقل من ستة أشهر من حين الردة يرثه لأنه علم أن العلوق حصل في حالة الاسلام قطعا وان جاءت به لستة أشهر فصاعدا من حين الردة لم يرثه لأنه يحتمل انه علق في حالة الردة فلا يرث مع الشك ولو ارتد الزوج دون المرأة أو كانت له أم ولد مسلمة ورثه مع ورثته المسلمين وان جاءت به لأكثر من ستة أشهر لان الام مسلمة فكان الولد على حكم الاسلام تبعا لامه فيرث أباه ولو مات مسلم عن امرأته وهي حامل فارتدت ولحقت بدار الحرب فولدت هناك ثم ظهرنا على الدار فإنه لا يسترق ويرث أباه لأنه مسلم تبعا لأبيه ولو لم تكن ولدته حتى سبيت ثم ولدته في دار الاسلام فهو مسلم مرقوق مسلم تبعا لأبيه مرقوق تبعا لامه ولا يرث أباه لان الرق من أسباب الحرمان ولو تزوج المرتد مسلمة فولدت له غلاما أو وطئ أمة مسلمة فولدت له فهو مسلم تبعا للام ويرث أباه لثبوت النسب وإن كانت الام كافرة لا يحكم باسلامه لأنه لم يوجد اسلام أحد الأبوين والله سبحانه وتعالى أعلم وأما حكم الدين فعند أبي يوسف ومحمد ديون المرتد في كسب الاسلام والردة جميعا لان كل ذلك عندهما ميراث وأما عند أبي حنيفة عليه الرحمة فقد ذكر أبو يوسف عنه انه في كسب الردة الا ان لا يفي به فيقضى الباقي من كسب الاسلام وروى الحسن رحمه الله عنه انه في كسب الاسلام الا ان لا يفي به فيقضى الباقي من كسب الردة وقال الحسن رحمه الله دين الاسلام في كسب الاسلام ودين الردة في كسب الردة وهو قول زفر رحمه الله والصحيح رواية الحسن لان دين الانسان يقضى من ماله لا من مال غيره وكذا دين الميت يقضى من ماله لا من مال وارثه لان قيام الدين يمنع زوال ملكه إلى وارثه بقدر الدين لكون الدين مقدما على الإرث فكان قضاء دين كل ميت من ماله لا من مال وارثه وماله كسب الاسلام فاما كسب الردة فمال جماعة المسلمين فلا يقضى منه الدين الا لضرورة فإذا لم يف به كسب الاسلام مست الضرورة فيقضى الباقي منه والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما حكم ولد المرتد فولد المرتد لا يخلو من أن يكون مولودا في الاسلام أو في الردة فإن كان مولودا في الاسلام بان ولد للزوجين ولد وهما مسلمان ثم ارتدا لا يحكم بردته ما دام في دار الاسلام لأنه لما ولد وأبواه مسلمان فقد حكم باسلامه تبعا لأبويه فلا يزول بردتهما لتحول التبعية إلى الدار إذ الدار وإن كانت لا تصلح لاثبات التبعية ابتداء عند استتباع الأبوين تصلح للابقاء لأنه أسهل من الابتداء فما دام في دار الاسلام يبقى على حكم الاسلام تبعا للدار ولو لحق المرتدان بهذا الولد بدار الحرب فكبر الولد وولد له ولد وكبر ثم ظهر عليهم أما حكم المرتد والمرتدة فمعلوم وقد ذكرنا ان المرتد لا يسترق ويقتل والمرتدة تسترق ولا تقتل وتجبر على اسلام بالحبس وأما حكم الأولاد فولد الأب يجبر على الاسلام ولا يقتل لأنه كان مسلما باسلام أبويه تبعا لهما فلما بلغ كافرا فقد ارتد عنه والمرتد يجبر على الاسلام الا انه لا يقتل لأن هذه ردة حكيمة لا حقيقية لوجود الايمان حكما بطريق التبعية لا حقيقة فيجبر على الاسلام لكن بالحبس لا بالسيف اثباتا للحكم على قدر العلة ولا يجبر ولد ولده على الاسلام لان ولد الولد لا يتبع الجد في الاسلام إذ لو كان لذلك لكان الكفار كلهم مرتدين لكونهم من أولاد آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام فينبغي ان تجرى عليهم أحكام أهل الردة وليس كذلك بالاجماع وإن كان مولودا في الردة بان ارتد الزوجان ولا ولد لهما ثم حملت المرأة من زوجها بعد ردتها وهما مرتدان على حالهما فهذا الولد بمنزلة أبويه له حكم الردة حتى لو مات لا يصلى عليه لان المرتد لا يرث أحدا ولو لحقا بهذا الولد بدار الحرب فبلغ وولد له أولاد فبلغوا ثم ظهر على الدار وسبوا جميعا يجبر ولد الأب وولد ولده على الاسلام ولا يقتلون كذا ذكر محمد في كتاب السير وذكر في الجامع الصغير أنه لا يجبر ولد ولده على الاسلام (وجه) ما ذكر في السير ان ولد الأب تبع لأبويه فكان محكوما بردته تبعا لأبويه وولد الولد تبع له فكان محكوما بردته تبعا له والمرتد يجبر على الاسلام الا انه لا يقتل لأن هذه ردة حكمية فيجبر على الاسلام بالحبس لا بالقتل
(١٣٩)