ودار الحرب سواء والله عز وجل أعلم ثم لا خلاف في أن العادل إذا قتل باغيا لا يحرم الميراث لأنه لم يوجد قتل نفس بغير حق لسقوط عصمة نفسه وأما الباغي إذا قتل العادل يحرم الميراث عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد ان قال قتلته وكنت على حق وأنا الآن على حق لا يحرم الميراث وان قال قتلته وأنا أعلم أنى على باطل يحرم (وجه) قول أبى يوسف ان تأويله فاسد الا أنه ألحق بالصحيح عند وجود المنعة في حق الدفع لا في حق الاستحقاق فلا يعتبر في حق استحقاق الميراث (وجه) قولهما انا نعتبر تأويله في حق الدفع والاستحقاق لان سبب استحقاق الميراث هو القرابة وانها موجودة الا أن قتل نفس بغير حق سبب الحرمان فإذا قتله على تأويل الاستحلال والمنعة موجودة اعتبرناه في حق الدفع وهو دفع الحرمان فأشبه الضمان الا أنه إذا قال قتلته وأنا أعلم أنى على باطل يحرم الميراث لان التأويل الفاسد إنما يلحق بالصحيح إذا كان مصرا عليه فإذا لم يصر فلا تأويل له فلا يندفع عنه الضمان والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) بيان ما يصنع بقتلى الطائفتين فنقول وبالله تعالى التوفيق (أما) قتلى أهل العدل فيصنع بهم ما يصنع بسائر الشهداء لا يغسلون ويدفنون في ثيابهم ولا ينزع عنهم الا مالا يصلح كفنا ويصلى عليهم لأنهم شهداء لكونهم مقتولين ظلما وقد روى أن زيد بن صرحان اليمنى كان يوم الجمل تحت راية سيدنا علي رضي الله عنهما فأوصى في رمقه لا تنزعوا عنى ثوبا ولا تغسلوا عنى دما وارمسوني في التراب رمسا فانى رجل محاج أحاج يوم القيامة (وأما) قتلى أهل البغي فلا يصلى عليهم لأنه روى أن سيدنا عليا رضي الله عنه ما صلى على أهل حروراء ولكنهم يغسلون ويكفنون ويدفنون لان ذلك من سنة موتى بنى سيدنا آدم على الصلاة والسلام ويكره أن تؤخذ رؤسهم وتبعث إلى الآفاق وكذلك رؤس أهل الحرب لان ذلك من باب المثلة وانه منهى لقوله عليه الصلاة والسلام لا تمثلوا فيكره الا إذا كان في ذلك وهن لهم فلا بأس به لما روى أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جز رأس أبى جهل عليه اللعنة يوم بدر وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أبا جهل كان فرعون هذه الأمة ولم ينكر عليه ويكره بيع السلاح من أهل البغي وفى عساكرهم لأنه إعانة لهم على المعصية ولا يكره بيع ما يتخذ منه السلاح كالحديد ونحوه لأنه لا يصير سلاحا الا بالعمل ونظيره انه يكره بيع المزامير ولا يكره بيع ما يتخذ منه المزمار وهو الخشب والقصب وكذا بيع الخمر باطل ولا يبطل بيع ما يتخذ منه وهو العنب كذا هذا والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) بيان حكم قضاياهم فنقول الخوارج إذا ولوا قاضيا فالامر لا يخلو من أحد وجهين اما ان ولوا رجلا من أهل البغي واما ان ولوا رجلا من أهل العدل فان فان ولوا رجلا من أهل البغي فقضى بقضايا ثم رفعت قضاياه إلى قاضى أهل العدل لا ينفذها لأنه لا يعلم كونها حقا لأنهم يستحلون دماءنا وأموالنا فاحتمل انه قضى بما هو باطل على رأى الجماعة فلا يجوز له تنفيذه مع الاحتمال ولو كتب قاضى أهل البغي إلى قاضى أهل العدل بكتاب فان علم أنه قضى بشهادة أهل العدل أنفذه لأنه تنفيذ الحق ظاهرا وإن كان لا يعلم لا ينفذه لأنه لا يعلم كونه حقا فلا يجوز تنفيذه لقوله تبارك وتعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وان ولوا رجلا من أهل العدل فقضى فيما بينهم بقضايا ثم رفعت قضاياه إلى قاضى أهل العدل نفذها لان التولية إياه قد صحت ولأنه يقدر على تنفيذ القضايا بمنعتهم وقوتهم فصحت التولية والظاهر أنه قضى على رأى أهل العدل فلا يملك ابطاله كما إذا رفعت قضايا قاضى أهل العدل إلى بعض قضاة أهل العدل وما أخذوا من البلاد التي ظهروا عليها من الخراج والزكاة التي ولاية أخذها للامام لا يأخذه الامام ثانيا لان حق للامام لمكان حمايته ولم توجد الا أنهم يفتون بان يعيدوا الزكاة استحسانا لأن الظاهر أنهم لا يصرفونها إلى مصارفها فاما الخراج فمصرفه المقاتلة وهم يقاتلون أهل الحرب والله تعالى أعلم * (كتاب الغصب) * جمع محمد رحمه الله في كتاب الغصب بين مسائل الغصب وبين مسائل الاتلاف وبدأ بمسائل الغصب فنبدأ بما بدأ به
(١٤٢)