وقيمته الف ثم ازدادت قيمته وصارت ألفا وخمسمائة ثم قتل آخر فزيادة الخمسمائة سالمة لولى القتيل الثاني لا حق فيها لولى القتيل الأول لأنها لم تكن موجودة وقت الجناية الأولى والألف تكون بين ولي القتيلين يتضاربون فيها فيضرب ولى القتيل الأول بتمام الدية عشرة آلاف والثاني بتسعة آلاف وخمسمائة لأنه وصل إليه خمسمائة من عشرة آلاف فكانت قسمة الألف بينهما على تسعة وثلاثين سهما لأنا نجعل كل خمسمائة سهما تسعة عشر لولى القتيل الثاني وعشرون لولى القتيل الأول والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) صفة الواجب بهذه الجناية فهي انها تجب في مال المولى حالا لأنه ضمان المنع من الدفع من غير اختيار الفداء وأنه يوجب القيمة في مال المولى حالا كما لو دبر العبد الجاني وهو لا يعلم بالجناية وهذا لان ضمان المنع كالخلف عن ضمان الدفع والدفع يجب من ماله حالا كذلك ههنا والله تعالى الموفق للصواب وإن كان القاتل أم ولد فأم الولد في جميع ما وصفنا والمدبر سواء لان الواجب في جنايتهما ضمان المنع أيضا الا أن جهة المنع تختلف فالمنع في أم الولد بالاستيلاد وفى المدبر بالتدبير لذلك استويا في حكم الجناية والله تعالى أعلم وإن كان القاتل مكاتبا فقتل أجنبيا خطأ فجنايته على نفسه إذا ظهرت لا على مولاه فيقع الكلام فيما تظهر به جنايته وفي بيان أصل الواجب ومن عليه وفي بيان كيفية الوجوب وفي بيان مقدار الواجب وفي بيان صفته (أما) الأول فجنايته تظهر بما تظهر به جناية القن والمدبر وأم الولد وتظهر أيضا باقراره بالجناية بخلاف جنايتهم لان ذلك اقرار على المولى فلم يصح أصلا واقرار المكاتب على نفسه لأنه أحق بكسبه من المولى فيجوز اقراره وكذا يجوز صلحه من الجناية على مال لأنه صالح عن حق ثابت له ظاهرا ولو أقر وصالح ثم عجز فحكمه نذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى وأما أصل الواجب بجنايته ومن عليه الواجب فالواجب هو قيمة نفسه عليه لا على مولاه لان كسب المكاتب لنفسه لا لمولاه فكان موجب جنايته عليه لا على مولاه ليكون الخراج بالضمان بخلاف القن والمدبر وأم الولد لان امتناع الدفع حصل بشئ من قبله وهو قبول الكتابة فكانت قيمته عليه بخلاف القن والمدبر وأم الولد (وأما) كيفية الوجوب فقد اختلف أصحابنا فيه قال علماؤنا الثلاثة ان قيمته تصير دينا في ذمته على طريق القطع والبتات وفائدة هذا الاختلاف تظهر فيما إذا جنى ثم عجز عقيب الجناية بلا فصل أنه يخاطب أنه يخاطب المولى بالدفع أو الفداء عندنا وعنده يباع ويدفع ثمنه إلى أولياء القتيل وكذلك إذا جنى ثم جنى جناية أخرى عقيب الأولى بل فصل لا يجب عليه الا قيمة واحدة عندنا وعنده يجب عليه قيمة أخرى عقيب الأولى ولا خلاف في أنه إذا جنى جناية وقضى القاضي عليه بالقيمة ثم جنى جناية أخرى أنه تجب عليه قيمة أخرى ووجه الفرق لأصحابنا الثلاثة رحمهم الله أن القاضي لما قضى بالقيمة في الجناية الأولى فقد صارت القيمة دينا في ذمته حتما من غير تردد والجناية الثانية صادفت رقبة فارغة فتقضى بقيمة أخرى وأما قبل القضاء فالرقبة مشغولة بالأولى والمشغول لا يشغل (وجه) قول زفر رحمه الله أن الموجب للقيمة على المكاتب هو امتناع الدفع لحق ثبت للمكاتب بعقد الكتابة لان امتناع الدفع إذا كان لحقه كانت القيمة عليه إذ لا خراج مع الضمان وهذا المعنى لا يوجب التوقف على قضاء القاضي (ولنا) ان الحكم الأصلي في جناية العبد هو وجوب الدفع وامتناعه ههنا لعارض لم يقع اليأس عن زواله وهو الكتابة لاحتمال العجز لأنه ربما يعجز فيرد في الرق فيتبين ان الجناية صدرت من القن فلا يمكن قطع القول بصيرورة قيمته دينا في ذمته الا من حيث الظاهر والامر في الحقيقة على التوقف وإنما يرتفع التوقف بإحدى معان اما بأداء القيمة إلى ولى القتيل لان الأداء كان واجبا عليه فإذا أدى فقد وصل الحق إلى المستحق فلا يسترد منه أو بالعتق (اما) بأداء بدل الكتابة (واما) بالاعتاق المبتدأ وبالموت عن وفاء أو ولد لأنه يعتق في آخر جزء من أجراء حياته وإذا عتق يتقرر حقه في كسبه ويقع اليأس عن الدفع فتقرر القيمة وإذا ترك ولدا ولم يترك وفاء فعقد الكتابة يبقى ببقاء الولد فيسعى على نجوم أبيه فيؤدى فيعتق ويعتق أبوه ويستند عتقه إلى آخر جزء من أجزاء حياته أو بقضاء القاضي بالقيمة لأنها كانت واجبة وتقرر الوجوب باتصال القضاء به أو بالصلح على القيمة لان الصلح بمنزلة القضاء هذا إذا ظهرت جناية بالمعاينة أو بالبينة (فأما) إذا ظهرت باقراره فإن كان قد أدى القيمة ثم عجز لم يبطل اقراره
(٢٦٨)