ويكرر عليها الايمان وهذا قولهما وقال أبو يوسف عليها لا على عاقلتها وجه قوله إن لزوم القسامة للزوم النصرة وهي ليست من أهل النصرة فلا تدخل في القسامة ولهذا لم تدخل مع أهل المحلة (وجه) قولهما ان سبب الوجوب على المالك هو الملك مع أهلية القسامة وقد وجد في حقها أما الملك فثابت لها وأما الأهلية فلان القسامة يمين وانها من أهل اليمين ألا يرى أنها تستحلف في سائر الحقوق ومعنى النصرة يراعى وجوده في الجملة لا في كل فرد كالمشقة في السفر وهل تدخل مع العاقلة في الدية ذكر الطحاوي ما يدل على أنها لا تدخل فإنه قال لا يدخل القاتل في التحمل الا أن يكون ذكرا عاقلا بالغا فإذا لم تدخل عند وجود القتل منها عينا فههنا أولى وأصحابنا رضي الله عنهم قالوا إن المرأة تدخل مع العاقلة في الدية في هذه المسألة وأنكروا على الطحاوي قوله وقالوا إن القاتل يدخل في الدية بكل حال ويدخل في القسامة والدية الأعمى والمحدود في القذف والكافر لأنهم من أهل الاستحلاف والحفظ والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما ما يكون ابراء عن القسامة والدية فنوعان نص ودلالة أما النص فهو التصريح بلفظ الابراء وما يجرى مجراه كقوله أبرأت أو أسقطت أو عفوت ونحو ذلك لان ركن الابراء صدر ممن هو من أهل الابراء في محل قابل للبراءة فيصح وأما الدلالة فهي ان يدعى ولى القتيل على رجل من غير أهل المحلة فيبرأ أهل المحلة عن القسامة والدية لان ظهور القتيل في المحلة لم يدل على كون هذا المدعى عليه قاتلا فاقدام الولي على الدعوى عليه يكون نفيا للقتل عن أهل المحلة فيتضمن برأتهم عن القسامة والدية فان أقام البينة على المدعى عليه والا حلف فان حلف برئ وان نكل حبس حتى يحلف أو يقر في قول أبي حنيفة رحمه الله (وعندهما) يقضى بالدية ولو شهد اثنان من أهل المحلة للولي بهذه الدعوى لا تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما تقبل (وجه) قولهما ان المانع من القبول قبل الدعوى كانت التهمة وقد زالت بالبراءة فلا معنى لرد الشهادة ولأبي حنيفة رحمه الله انه تمكنت التهمة في شهادتهم من وجهين أحدهما ان من الجائز انه أبرأهم ليتوسل بالابراء إلى تصحيح شهادتهم والثاني انه أحسن إليهم بالابراء حيث أسقط القسامة والدية عنهم فمن الجائز انهم أرادوا بالمكافأة على ذلك والشهادة ترد بالتهمة من وجه واحد فمن وجهين أولى ولان أهل المحلة كانوا خصماء في هذه الدعوى فلا تقبل شهادتهم وان خرجوا بالابراء عن الخصومة لان السبب الموجب لكونهم خصماء قائم وهو وجود القتيل فيهم كالوكيل بالخصومة إذا خاصم ثم عزل فشهد لا تقبل شهادته كذا هذا ولو ادعى ولى القتيل على رجل بعينه من أهل المحلة فالقسامة والدية بحالها في ظاهر الرواية وروى عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة رضي الله عنه ان القسامة تسقط وكذا روى محمد وقال أبو يوسف القياس ان تسقط القسامة الا انا تركناه للأثر (وجه) رواية ابن المبارك رحمه الله ان تعيين الولي واحدا منهم ابراء عن الباقين دلالة فتسقط عنهم القسامة كما لو أبرأهم نصا (وجه) ظاهر الرواية ان القاتل أحد أهل المحلة ظاهرا والولي كذلك الا أنه عين وهو متهم في التعيين فلا يعتبر تعيينه الا بالبينة فلا تعتبر حكم القسامة الا بها فان أقام البينة من غير أهل المحلة على دعواه يقضى بها فيجب القصاص في العمد والدية في الخطأ ولو شهد شاهد ان من المحلة عليه لا تقبل شهادتهما على ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه لان الخصومة بعد هذه الدعوى قائمة فكان الشاهد خصما لأنه يقطع الخصومة عن نفسه بشهادته ولا شهادة للخصم وإذا لم تقبل شهادة أهل المحلة عليه ولم يقم بينة أخرى وبقيت القسامة على أهل المحلة على حالها يحلف المدعى والشاهد ان مع أهل المحلة حتى يكمل خمسون رجلا من أهل المحلة ثم كيف يستحلف الشهود مع أهل المحلة عندهما يحلفون بالله سبحانه وتعالى ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا غير فلان وعند أبي يوسف يحلفون بالله جل شأنه ما قتلناه ولا يزادون على ذلك لان عندهم ان المشهود عليه قاتل فلا سبيل إلى استحلافهم على العلم وما قاله أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله أولى لان فيما قالاه مراعاة موضوع القسامة وهو الجمع بين اليمين على البتات والعلم بالقدر الممكن فيما وراء المستثنى وفيما قاله أبو يوسف ترك اليمين على العلم أصلا فكان ما قالاه
(٢٩٥)