رجل فمات صاحب الدار فاقتسمت الورثة الدار بينهم وتركوا الطريق كان الطريق بينه وبين الرجل نصفين لا على عدد الرؤس حتى لو باعوا الدار يقسم الثمن بين الورثة وبينه نصفين لا على عدد الرؤس لان الورثة قاموا مقام المورث وقد كان الطريق بينهما نصفين فكذا بينه وبينهم ولو لم يعرف ان الدار ميراث بينهم وجحدوا ذلك فالطريق بينهم بالسوية على عدد الرؤس لاستوائهم في اليد على ما مر والله سبحانه وتعالى اعلم * (فصل) * وأما بيان ما يوجب نقض القسمة بعد وجودها فنقول وبالله التوفيق الذي يوجب نقض القسمة بعد وجودها أنواع (منها) ظهور دين على الميت إذا طلب الغرماء ديونهم ولا مال للميت سواه ولا قضاه الورثة من مال أنفسهم وبيان ذلك ان الورثة إذا اقتسموا التركة ثم ظهر على الميت دين فهذا لا يخلوا من أحد وجهين اما أن يكون للميت مال آخر سواه واما ان لم يكن فإن لم يكن له مال سواه ولا قضاه الورثة من مال أنفسهم تنقض القسمة سواء كان الدين محيطا بالتركة أو لم يكن لان الدين مقدم على الإرث قليلا كان أو كثيرا قال الله تبارك وتعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين قدم سبحانه وتعالى الدين على الوصية من غير فصل بين القليل والكثير لان الدين إذا كان محيطا بالتركة تبين انه لا ملك للورثة فيها الا من حيث الصورة بل هي ملك للميت يتعلق بها بحق الغرماء وقيام ملك الغير في المحل يمنع صحة القسمة فقيام الملك والحق أولى وإذا لم يكن محيطا بالتركة فملك الميت وحق الغرماء وهو حق الاستيفاء ثابت في قدر الدين من التركة على الشيوع فيمنع جواز القسمة فإن لم يكن للميت مال آخر سواه يجعل الدين فيه وتمضي القسمة لان القسمة تصان عن النقض ما أمكن وقد أمكن صيانتها بجعل الدين فيه وكذا الورثة إذا قضوا الدين من مال أنفسهم لا تنقض لان حق الورثة كان متعلقا بصورة التركة وحق الغرماء بمعناها وهو المالية فإذا قضوا الدين من مال أنفسهم فقد استخلصوا التركة لأنفسهم صورة ومعنى فتبين انهم في الحقيقة اقتسموا مال أنفسهم صورة ومعنى فتبين انها وقعت صحيحة فلا تنقض وكذلك إذا أبرأه الغرماء من ديونهم لا تنقض القسمة لان النقض لحقهم وقد أسقطوه بالابراء وكذلك إذا ظهر لبعض المقتسمين دين على الميت بأن ادعى دينا على الميت وأقام البينة عليه فله أن ينقض القسمة لما قلنا ولا تكون قسمته ابراء من الدين لان حق الغريم يتعلق بمعنى التركة وهو ماليتها لا بالصورة ولهذا كان للورثة حق الاستخلاص وإذا كان كذلك فلا يكون اقدامه على القسمة اقرارا منه لأنه لا دين له على الميت فلم يكن مناقضا في دعواه فسمعت (ومنها) ظهور الوصية حتى لو اقتسموا ثم أظهر ثم موصى له بالثلث نقضت قسمتهم لان الموصى له شريك الورثة ألا ترى انه لو هلك من التركة شئ قبل القسمة يهلك من الورثة والموصى له جميعا والباقي على الشركة بينهم ولو اقتسموا وثمة وارث آخر غائب تنقض فكذا هذا وهذا إذا كانت القسمة بالتراضي فإن كانت بقضاء القاضي لا تنقض لان الموصى له وإن كان كواحد من الورثة لكن القاضي إذا قسم عند غيبة أحد الورثة لا تنقض قسمته لان القسمة في هذا الموضع محل الاجتهاد وقضاء القاضي إذا صادف محل الاجتهاد ينفذ ولا ينقض (ومنها) ظهور الوارث حتى لو اقتسموا ثم ظهر ان ثمة وارث آخر نقضت قسمتهم ولو كانت القسمة بقضاء القاضي لا تنقض لما ذكرنا ولو ادعى وارث وصية لابن له صغير بعد القسمة لا تصح دعواه حتى لا تسمع منه البينة لكونه مناقضا في الدعوى إذ لا تصح قسمتهم الميراث وثم موصى له فكان اقدامه على القسمة اقرارا منه بانعدام الوصية فكان دعوى وجود الوصية مناقضة فلا تسمع ولكن لا يبطل حق الصغير بقسمة الأب لأنه لا يملك ابطال حقه وكذلك لو ادعى بعض الورثة ان أخا له من أبيه وأمه ورث أباه معهم وانه مات بعد موت الأب وورثه هذا المدعى جحد الباقون ذلك فأقام المدعى البينة لا تقبل بينته لأنه هنا قضى في دعواه لدلالة اقراره بانعدام وارث آخر باقدامه على القسمة وكذلك كل ميراث يدعيه أو شراء أو هبة أو صدقة أو وصية بعد القسمة للتناقض بدلالة الاقدام على القسمة والله تعالى أعلم دار بين رجلين أقر أحدهما ببيت منها لرجل وأنكر الآخر يصح اقراره لان اقرار الانسان حجة على نفسه لان هذا الاقرار لم يوجب تعلق الحق بالعين لحق الشريك الآخر بل هو موقوف وإذا لم يتعلق بالعين
(٣٠)