نفسه وان أتى ذلك على نفسه ولا يكره ذلك لأنه من ضرورات الدفع ولكن لا يقصد بالدع القتل لأنه ضرورة إلى القصد والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان من يسع تركه في دار الحرب ممن لا يحل قتله ومن لا يسع فالامر فيه لا يخلو من أحد وجهين اما إذا كان الغزاة قادرين على عمل هؤلاء واخراجهم إلى دار الاسلام واما ان لم يقدروا عليه فان قدروا على ذلك فإن كان المتروك ممن يولد له ولد لا يجوز تركهم في دار الحرب لان في تركهم في دار الحرب عونا لهم على المسلمين باللقاح وإن كان ممن لا يولد له كالشيخ الفاني الذي لا قتال عنده ولا لقاح فإن كان ذا رأى ومشورة فلا يباح تركه في دار الحرب لما فيه من المضرة بالمسلمين لأنهم يستعينون على المسلمين برأيه وان لم يكن له رأى فان شاؤوا تركوه فإنه لا مضرة عليهم في تركه وان شاؤوا أخرجوه لفائدة المفاداة على قول من يرى مفاداة الأسير بالأسير وعلى قول من لا يرى لا يخرجونهم لما انه لا فائدة في اخراجهم وكذلك العجوز التي لا يرجى ولدها وكذلك الرهبان وأصحاب الصوامع إذا كانوا حضورا لا يلحقون وان لم يقدر المسلمون على حمل على هؤلاء ونقلهم إلى دار الاسلام لا يحل قتلهم ويتركون في دار الحرب لان الشرع نهى عن قتلهم ولا قدرة على نقلهم فيتركون ضرورة واما الحيوان والسلاح إذا لم يقدروا على الاخراج إلى دار الاسلام اما الحيوان فيذبح ثم يحرق بالنار لئلا يمكنهم بالانتفاع به واما السلاح فما يمكن احراقه بالنار يحرق وما لا يحتمل الاحراق كالحديد ونحوه فيدفن بالتراب لئلا يجدوه والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يكره حمله إلى دار الحرب وما لا يكره فنقول ليس للتاجر ان يحمل إلى دار الحرب ما يستعين به أهل الحرب على الحرب من الأسلحة والخيل والرقيق من أهل الذمة وكل ما يستعان به في الحرب لان فيه امدادهم واعانتهم على حرب المسلمين قال الله سبحانه وتعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان فلا يمكن من الحمل وكذا الحربي إذا دخل دار الاسلام لا يمكن من أن يشترى السلاح ولو اشترى لا يمكن من أن يدخله دار الحرب لما قلنا الا إذا كان داخل دار الاسلام بسلاح فاستبدله فينظر في ذلك إن كان الذي استبدله خلاف جنس سلاحه بان استبدل القوس بالسيف ونحو ذلك لا يمكن من ذلك أصلا وإن كان من جنس سلاحه فإن كان مثله أو أراد أمنه يمكن منه وإن كان أجود منه لا يمكن منه لما قلنا ولا بأس بحمل الثياب والمتاع والطعام ونحو ذلك إليهم لانعدام معنى الامداد والإعانة وعلى ذلك جرت العادة من تجار الاعصار انهم يدخلون دار الحرب للتجارة من غير ظهور الرد والانكار عليهم الا ان الترك أفضل لأنهم يستخفون بالمسلمين ويدعونهم إلى ما هم عليه فكان الكف والامساك عن الدخول من باب صيانة النفس عن الهوان والدين عن الزوال فكان أولى واما المسافرة بالقرآن العظيم إلى دار الحرب فينظر في ذلك إن كان العسكر عظيما مأمونا عليه لا بأس بذلك لأنهم يحتاجون إلى قراءة القرآن وإذا كان العسكر عظيما يقع الامن عن الوقوع في أيد الكفرة والاستخفاف به وان لم يكن مأمونا كالسرية يكره المسافرة به لما فيه من خوف الوقوع في أيديهم والاستخفاف به فكان الدخول به في دار الحرب تعريضا للاستخفاف بالمصحف الكريم وما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام انه نهى ان يسافر بالقرآن العظيم إلى أرض العدو محمول على المسافرة في هذه الحالة وكذلك حكم اخراج النساء مع أنفسهم إلى دار الحرب على هذا التفصيل إن كان ذلك في جيش عظيم مأمون عليه غير مكروه ولأنهم يحتاجون إلى الطبخ والغسل ونحو ذلك وإن كانت سرية لا يؤمن عليها يكره اخراجهن لما قلنا والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يعترض من الأسباب المحرمة للقتال فنقول ولا قوة الا بالله العلي العظيم الأسباب المعترضة المحرمة للقتال أنواع ثلاثة الايمان والأمان والالتجاء إلى الحرم اما الايمان فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان ما يحكم به بكون الشخص مؤمنا والثاني في بيان حكم الايمان اما الأول فنقول الطرق التي يحكم بها بكون الشخص مؤمنا ثلاثة نص ودلالة وتبعية اما النص فهو ان يأتي بالشهادة أو بالشهادتين أو يأتي بهما معي التبري مما هو عليه صريحا وبيان هذه الجملة ان الكفرة أصناف أربعة صنف منهم ينكرون الصانع أصلا وهم الدهرية المعطلة وصنف منهم
(١٠٢)