مثل الحكم في السرقة وقد استوفينا الكلام فيه في كتاب السرقة وكذا محل القطع من اليد اليمنى هو المفصل كما في السرقة والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان من يقيم هذا الحكم فالذي يقيمه الامام أو من ولاه الامام الإقامة ليس إلى الأولياء ولا إلى أرباب الأموال شئ بل يقيمه الامام طالب الأولياء وأرباب الأموال بالإقامة أو لم يطالبوا وهذا عندنا وعند الشافعي رحمه الله المولى يملك إقامة الحد على مملوكه من غير تولية الامام والكلام في هذا الفصل على الاستقصاء ذكرناه في كتاب الحدود * (فصل) * وأما بيان ما يسقط هذا الحكم بعد وجوبه فالمسقط له بعد الوجوب أشياء ذكرناها في كتاب السرقة (منها) تكذيب المقطوع عليه القاطع في اقراره بقطع الطريق انه لم يقطع عليه الطريق (ومنها) رجوع القاطع عن اقراره بقطع الطريق (ومنها) تكذيب المقطوع عليه البينة (ومنها) ملك القاطع المقطوع له وهو المال قبل الترافع أو بعده على التفصيل على الاختلاف الذي ذكرناه في كتاب السرقة (ومنها) توبة القاطع قبل أن يقدر عليه لقوله تعالى الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاعلموا ان الله غفور رحيم أي رجعوا عما فعلوا فندموا على ذلك وعزموا على أن لا يفعلوا مثله في المستقبل فدلت هذه الآية الشريفة على أن قاطع الطريق إذا تاب قبل ان يظفر به يسقط عنه الحد وتوبته برد المال على صاحبه إن كان أخذ المال لا غير مع العزم على أن لا يفعل مثله في المستقبل ويسقط عنه القطع أصلا ويسقط عنه القتل حدا وكذلك ان أخذ المال وقتل حتى لم يكن للامام ان يقتله ولكن يدفعه إلى أولياء القتيل ليقتلوه قصاصا إن كان القتل بسلاح على ما نذكره إن شاء الله تعالى وان لم يأخذ المال ولم يقتل فتوبته الندم على ما فعل والعزم على ترك مثله في المستقبل وهو ان يأتي الامام عن طوع واختيار ويظهر التوبة عنده ويسقط عنه الحبس لان الحبس للتوبة وقد تاب فلا معنى للحبس وكذلك السرقة الصغرى إذا تاب السارق قب ان يظفر به ورد المال إلى صاحبه يسقط عنه القطع بخلاف سائر الحدود انها لا تسقط بالتوبة والفرق ان الخصومة شرط في السرقة الصغرى والكبرى لان محل الجناية خالص حق العباد والخصومة تنتهى بالتوبة والتوبة تمامها برد المال إلى صاحبه فإذا وصل المال إلى صاحبه لم يبق له حق الخصومة مع السارق بخلاف سائر الحدود فان الخصومة فيها ليست بشرط فعدمها لا يمنع من إقامة الحدود في حد القذف إن كانت شرطا لكنها لا تبطل بالتوبة لان بطلانها برد المال إلى صاحبه ولم يوجد وقد روى عن سيدنا علي رضي الله عنه انه كتب إليه عامله بالبصرة ان حارثة ابن زيد حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فكتب إليه سيدنا علي رضي الله عنه ان حارثة قد تاب قبل ان تقدر عليه فلا تتعرض له الا بخير هذا إذا تاب قاطع طريق قبل القدرة عليه فاما إذا تاب بعد ما قدر عليه بان أخذ ثم تاب لا يسقط عنه الحد لان التوبة عن السرقة إذا أخذ المال برد المال على صاحبه وبعد الاخذ لا يكون رد المال بل يكون استردادا منه جبرا فلا يسقط الحد وإذا لم يأخذ المال فهو بعد الاخذ متهم في اظهار التوبة فلا تتحقق توبته والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما حكم سقوط الحد بعد الوجوب وحكم عدم الوجوب لمانع فنقول وبالله التوفيق إذا سقط الحد بعد التوبة قبل ان يقدر عليهم فإن كانوا أخذوا المال لا غير ردوه على صاحبه إن كان قائما وإن كان هالكا أو مستهلكا فعليهم الضمان وإن كانوا قتلوا لا غير يدفع من قتل منهم بسلاح إلى الأولياء ليقتلوه أو يعفوا عنه ومن قتل بعصا أو حجر فعلى عاقلته الدية لورثة المقتول وإن كانوا أخذوا المال وقتلوا فحكم أخذ المال والقتل عند الاجتماع ما هو حكمها عند الانفراد وقد ذكرناه وإنما كان كذلك لان الحد إذا سقط بالتوبة قبل القدرة صار حكم القتل وأخذ المال وهلاكه استهلاكه ما هو حكمها في غير قطع الطريق ما قلنا وإن كانوا أخذوا المال وجرحوا أو أخذوا المال وقتلوا وجرحوا قوما أو جرحوا قوما ولم يكن منهم أخذ ولا قتل فحكم القتل والمال ما ذكرنا والجراحات فيها القصاص فيما يقدر
(٩٦)