عتق فقد زال المانع والله سبحانه وتعالى أعلم ومنها رضا الموصى لأنها ايجاب ملك أو ما يتعلق بالملك فلابد فيه من الرضا كايجاب الملك بسائر الأشياء فلا تصح وصية الهازل والمكره والخاطئ لأن هذه العوارض تفوت الرضا وأما اسلام الموصى فليس بشرط لصحة وصيته فتصح وصية الذي بالمال للمسلم والذمي في الجملة لان الكفر لا ينافي أهلية التمليك ألا ترى أنه يصح بيع الكافر وهبته فكذا وصيته وكذا الحربي المستأمن إذا أوصى للمسلم أو الذمي يصح في الجملة لما ذكرنا غير أنه إن كان دخل وارثه معه في دار الاسلام وأوصى بأكثر من الثلث وقف ما زاد على الثلث على إجازة وارثه لأنه بالدخول مستأمنا التزم أحكام الاسلام أو ألزمه من غير التزامه لامكان اجراء الأحكام عليه ما دام في دار الاسلام ومن أحكام الاسلام أن الوصية بما زاد على الثلث ممن له وارث تقف على إجازة وارثه وان لم يكن له وارث أصلا تصح من جميع المال كما في المسلم والذمي وكذلك إذا كان له وارث لكنه في دار الحرب لان امتناع الزيادة على الثلث لحق الورثة وحقهم غير معصوم لأنه لا عصمة لأنفسهم وأموالهم فلان لا يكون لحقهم الذي في مال مورثهم عصمة أولى وذكر في الأصل ولو أوصى الحربي في دار الحرب بوصية ثم أسلم أهل الدار أو صاروا ذمة ثم اختصما إلى في تلك الوصية فإن كانت قائمة بعينها أجزتها وإن كانت قد استهلكت قبل الاسلام أبطلتها لان الحربي من أهل التمليك ألا يرى أنه من أهل سائر التمليكات كالبيع ونحوه فكانت وصيته جائزة في نفسها الا أنه ليس لنا ولاية اجراء أحكام الاسلام وتنفيذها في دارهم فإذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فننفذها ما دام الموصى به قائما فاما إذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية وألحقناها بالعدم لان أهل الحرب إذا أسلموا أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض وبما اغتصب بعضهم من بعض بل يبطل ذلك كذا هذا ومنها ان لا يكون على الموصى دين مستغرق لتركته فإن كان لا تصح وصيته لان الله تبارك وتعالى قدم الدين على الوصية والميراث لقوله تبارك وتعالى في آية المواريث من بعد وصية يوصى بها أو دين ويوصي بها أو دين وتوصون بها أو دين ويوصين بها أو دين ولما روى عن سيدنا على رضى الله تعالى عنه أنه قال إنكم تقرؤن الوصية قبل الدين وقد شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالدين قبل الوصية أشار سيدنا علي رضي الله عنه إلى أن الترتيب في الذكر لا يوجب الترتيب في الحكم وروى أنه قيل لابن عباس رضي الله عنهما انك تأمر بالعمرة قبل الحج وقد بدأ الله تبارك وتعالى بالحج فقال تبارك وتعالى وأتموا الحج والعمرة لله فقال رضي الله عنه كيف تقرؤن آية الدين فقالوا من بعد وصية يوصى بها أو دين فقال وبماذا تبدؤون قالوا بالدين قال رضي الله عنه هو ذاك ولان الدين واجب والوصية تبرع والواجب مقدم على التبرع ومعنى تقدم الدين على الوصية والميراث أنه يقضى الدين أولا فان فضل منه شئ يصرف إلى الوصية والميراث والا فلا (وأما) معنى تقدم الوصية على الميراث فليس معناه ان يخرج الثلث ويعزل عن التركة ويبدأ بدفعه إلى الموصى له ثم يدفع الثلثان إلى الورثة لان التركة بعد قضاء الدين تكون بين الورثة وبين الموصى له على الشركة والموصى له شريك الورثة في الاستحقاق كأنه واحد من الورثة لا يستحق الموصى له من الثلث شيئا قل أو كثر الا ويستحق منه الورثة ثلثيه ويكون فرضهما معا لا يقدم أحدهما على الآخر حتى لو هلك شئ من التركة قبل القسمة يهلك على الموصى له والورثة جميعا ولا يعطى الموصى له كل الثلث من الباقي بل الهالك يهلك على الحقين والباقي على الحقين كما إذا هلك شئ من المواريث بعد الوصايا بخلاف الدين فإنه إذا هلك بعض التركة وبقى البعض يستوفى كل الدين من الباقي وإنما معناه انه يحسب قدر الوصية من جملة التركة أولا لتظهر سهام الورثة كما تحسب سهام أصحاب الفرائض أولا ليظهر الفاضل للعصبة ويحتمل أن يكون معنى قوله تبارك وتعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر إلى قوله تعالى من بعد وصية يوصى بها أي سوى ما لكم ان توصوه من الثلث أوصاكم الله بكذا وتكون بعد بمعنى سوى والله تعالى عز شأنه أعلم (وأما) الذي يرجع إلى الموصى له فمنها أن يكون موجودا فإن لم يكن موجودا لا تصح الوصية لان الوصية للمعدوم لا تصح وعلى هذا يخرج ما إذا قال أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة انها ان ولدت لما يعلم أنه كان موجودا في البطن صحت الوصية والا فلا
(٣٣٥)