في ظاهر الرواية وذكر الطحاوي قول محمد مع قول أبي حنيفة في جواز الاختيار وقال الا أن عند محمد الدية تكون في عين العبد لولى الجناية يبيعه فيها المولى لولى الجناية وهكذا روى عن أبي يوسف (وجه) قولهما أن الحكم الأصلي لهذه الجناية هو لزوم الدفع وعند الاختيار ينتقل إلى الذمة فيتقيد الاختيار بشرط السلامة ولا سلامة مع الاعسار فلا ينتقل إليها فيبقى العبد واجب الدفع ولأبي حنيفة رحمه الله أن العزيمة ما قالا وهو وجوب الدفع لكن الشرع رخص له الفداء عند الاختيار والاعسار لا يمنع صحة الاختيار لأنه لا يقدح في الأهلية والولاية وقد وجد الاختيار مطلقا عن شرط السلامة فلا يجوز تقييد المطلق الا بدليل (وأما) الدلالة فهي أن يتصرف المولى في العبد تصرفا يفوت الدفع أو يدل على امساك العبد مع العلم بالجناية فكل تصرف يفوت الدفع أو يدل على امساك العبد مع العلم بالجناية يكون اختيار للفداء لان حق المجني عليه متعلق بالعبد وهو حق الدفع وفى تفويت الدفع تفويت حقة والظاهر أن المولى لا يرضى بتفويت حقه مع العلم بذلك الا بما يقوم مقامه وهو الفداء فكان اقدامه عليه اختيارا للفداء وعلى هذا الأصل يخرج المسائل إذا باع العبد بيعا باتا وهو عالم بالجناية صار مختارا لأنه تصرف مزيل للملك فيفوت الدفع وكذا إذا باع بشرط خيار المشترى أما على أصلهما فلا يشكل لأن المبيع دخل في ملك المشتري (وأما) على أصل أبي حنيفة فلان خيار المشترى إن كان يمنع دخول المبيع في ملكه فلا يمنع زواله عن ملك البائع وهذا يكفي دلالة الاختيار لأنه يفوت الدفع ولو باع على أنه بالخيار فان مضت مدة الخيار قبل مضى المدة كان مختارا لان البيع انبرم قبل الدفع ولو نقض البيع لم يكن مختارا لان الملك لم يزل فلم يفت الدفع ولو عرض العبد على البيع لم يكن ذلك اختيارا عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وقال زفر رحمه الله يكون اختيارا (وجه) قوله أن العرض على البيع دليل استيفاء الملك أن المشترى بشرط الخيار إذا عرض المشترى على البيع بطل اختياره فكان دليل امساك العبد لنفسه وذلك دليل اختيار الفداء لما بينا (ولنا) أن العرض على البيع لا يوجب زوال الملك فلا يفوت الدفع وليس دليل امساك العبد أيضا بل هو دليل الاخراج من الملك فلا يصلح دليل اختيار الفداء ولو باعه بيعا فاسدا لم يكن مختارا حتى يسلمه إلى المشترى لان الملك لا يزول قبل التسليم فلا يفوت الدفع ولو وهبه من إنسان وسلمه إليه صار مختارا لان الهبة والتسليم يزيلان الملك فيفوت الدفع ولو كانت الجناية فيما دون النفس فوهبه المولى من المجني عليه لا يصير مختارا ولا شئ على المولى ولو باعه من المجني عليه كان مختارا لان التسليم بالهبة في معنى الدفع لان كل واحد منهما تمليك بغير عوض فوقعت الهبة موقع الدفع بخلاف البيع لأنه تمليك بعوض والدفع تمليك بغير عوض فلا يقوم مقامه فكان الاقدام على البيع منه اختيارا للفداء وكذلك لو تصدق به على إنسان أو على المجني عليه فهو والهبة سواء لان كل واحد منهما تمليك بغير عوض ولو أعتقه أو دبره أو كانت أمه فاستولدها وهو عالم بالجناية صار مختارا لأن هذه التصرفات تفوت الدفع إذ الدفع تمليك وإنما تمنع من التمليك فكانت اختيارا للفداء ولو كانت جناية العبد فيما دون النفس فأمر المولى المجني عليه باعتاقه وهو عالم بالجناية صار المولى مختارا للفداء لان اعتاقه بأمره مضاف إليه فكان دليل اختيار الفداء كما لو أعتق بنفسه ولو قال لعبده ان قتلت فلانا فأنت حر فقتله صار مختارا للفداء عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وعند زفر رحمه الله لا يكون مختارا (وجه) قوله إنما صار معتقا بالقول السابق وهو قوله أنت حر ولا جناية عند ذلك وبعد وجود الجناية لا اعتاق فكيف يصير مختارا (ولنا) أن المعلق بالشرط يصير منجزا عند وجود الشرط بتنجيز مبتدإ كأنه قال له بعد وجود الجناية أنت حر ونظيره إذا قال لامرأته وهو صحيح إذا مرضت فأنت طالق ثلاثا فمرض حتى وقع الطلاق عليها يصير فارا عن الميراث حتى ترثه المرأة وإن كان التعليق في حالة الصحة لما قلنا كذا هذا ولو أخبر المولى انسان ان عبده قد جنى فاعتقه فان صدقه ثم أعتقه صار مختارا للفداء بل خلاف وان كذبه فاعتقه لا يصير مختارا عند أبي حنيفة رحمه الله ما لم يكن المخبر رجلان أو رجل
(٢٦٤)