أن يأتي به الامام ان قدر عليه حتى يكون الامام هو الحكم فيه لتعلق حق الغزاة به فكان الحكم فيه للامام وإنما يقتل من الأسارى من بلغ اما بالسن أو بالاحتلام على قدر ما اختلف فيه فاما من لم يبلغ أو شك في بلوغه فلا يقتل وكذا المعتوه الذي لا يعقل لما بينا من قبل فلو قتل رجل من المسلمين أسيرا في دار الحرب أو في دار الاسلام فإن كان قبل القسمة فلا شئ فيه من دية ولا كفارة ولا قيمة لان دمه غير معصوم قبل القسمة فان للامام فيه خيرة القتل وإن كان بعد القسمة أو بعد البيع فيراعى فيه حكم القتل لان الامام إذا قسمهم أو باعهم فقد صار دمهم معصوما فكان مضمونا بالقتل الا أنه لا يجب القصاص لقيام شبهة الإباحة كالحربي المستأمن ثم ما ذكرنا من خيار القتل للامام في الأسارى قبل القسمة إذا لم يسلموا فان أسلموا قبل القسمة فلا يباح قتلهم لان الاسلام عاصم وللامام خيار ان فيهم ان شاء استرقهم فقسمهم وان شاء تركهم أحرارا بالذمة إن كانوا بمحل الذمة والاسترقاق لان الاسلام لا يرفع الرق اما لا يرفعه لان الرفع فيه ابطال حق الغزاة وهذا لا يجوز (وأما) بيان قسمة الغنائم فنقول وبالله التوفيق القسمة نوعان قسمة حمل ونقل وقسمة ملك (أما) قسمة الحمل فهي ان عزت الدواب ولم يجد الامام حمولة يفرق الغنائم على الغزاة فيحمل كل رجل على قدر نصيبه إلى دار الاسلام ثم يستردها منهم فيقسمها قسمة ملك وهذه القسمة جائزة بلا خلاف ولا تكون قسمة ملك كالمودعين يقتسمان الوديعة ليحفظ كل واحد منهما بعضها جاز ذلك وتكون قسمة ملك فكذا هذا (وأما) قسمة الملك فلا تجوز في دار الحرب عند أصحابنا وعند الشافعي رحمه الله تجوز وهذا الاختلاف مبنى على أصل وهو أن الملك هل يثبت في الغنائم في دار الحرب للغزاة فعندنا لا يثبت الملك أصلا فيها لا من كل وجه لا من وجه ولكن ينعقد سبب الملك فيها على أن تصير علة عند الاحراز بدار الاسلام وهو تفسير حق الملك أو حق التملك عندنا وعنده يثبت الملك قبل الاحراز بدار الاسلام بعد الفراغ من القتال قولا واحدا وله في حال فور الهزيمة قولان ويبنى على هذا الأصل مسائل (منها) أنه إذا مات واحد من الغانمين في دار الحرب لا يورث نصيبه عندنا وعنده يورث والله تعالى أعلم (ومنها) أن المدد إذا لحق الجيش فاحرزوا الغنائم جملة إلى دار الاسلام يشاركونهم فيها عندنا وعنده لا يشاركونهم (ومنها) أنه إذا أتلف واحد من الغانمين شيئا من الغنيمة لا يضمن عندنا وعنده يضمن (ومنها) أن الامام إذا باع شيئا من الغنائم لا لحاجة الغزاة لا يجوز عندنا وعنده يجوز (ومنها) أن الامام إذا قسم الغنائم في دار الحرب مجازفا غير مجتهد ولا معتقد جواز القسمة لا تجوز عندنا وعنده تجوز (فاما) إذا رأى الامام القسمة فقسمها نفذت قسمته بالاجماع وكذلك لو رأى البيع فباعها لأنه حكم أمضاه في محل الاجتهاد بالاجتهاد فينفذ (وجه) قول الشافعي رحمه الله ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم غنائم خيبر بخيبر وقسم غنائم أوطاس بأوطاس وقسم غنائم بنى المصطلق في ديارهم وقسم غنائم بدر بالجعرانة وهي وادى من أودية بدر وأدنى ما يحمل عليه فعل النبي عليه الصلاة والسلام هو الجواز والإباحة ولأنه وجد الاستيلاء على مال مباح فيفيد الملك استدلالا بالاستيلاء على الحطب والحشيش ولا شك أن المستولي عليه مال مباح لأنه مال الكافر وانه مباح والدليل على تحقق الاستيلاء ان الاستيلاء عبارة عن اثبات اليد على المحل وقد وجد ذلك حقيقة وانكار الحقائق مكابرة ورجعة الكفار بعد انهزامهم واستردادهم أمر موهوم لا دليل عليه فلا يعتبر (ولنا) أن الاستيلاء إنما يفيد الملك إذا ورد على مال مباح غير مملوك ولم يوجد ههنا لان ملك الكفرة قائم لان ملك الكفرة كان ثابتا لهم والملك متى ثبت لانسان لا يزول الا بإزالته أو يخرج المحل من أن يكون منتفعا به حقيقة بالهلاك أو بعجز المالك عن الانتفاع به دفعا للتناقض فيما شرع الملك له ولم يوجد شئ من ذلك (أما) الإزالة وهلاك المحل فظاهر العدم (واما) قدرة الكفرة على الانتفاع بأموالهم فلان الغزاة ما داموا في دار الحرب فالاسترداد ليس بنادر بل هو ظاهر أو محتمل احتمالا على السواء والملك كان ثابتا لهم فلا يزول مع الاحتمال وأما الأحاديث فاما غنائم خيبر وأوطاس والمصطلق فإنما قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الديار لأنه افتتحها فصارت ديار الاسلام (وأما) غنائم بدر فقد روى أنه عليه الصلاة والسلام قسمها بالمدينة فلا يصح الاحتجاج
(١٢١)