السابق ههنا كمالا يضاف إلى شهادة الشهود هناك الا انه وجب الضمان ههنا لان وجوب ضمان الغصب لا يقف على الفعل فيستند الضرب إلى سبب كان في يد الغاصب ولا يستند إليه أثره فيصير كأنها ضربت في يد الغاصب فانجرحت عند الضرب لا بالضرب ولو كان كذلك لضمن الغاصب كذا هذا وإنما اعتبر الأكثر من نقصان الضرب ومن نقصان الزنا لما ذكرنا فيما تقدم ان النقصانين جميعا حصلا بسبب واحد فتعذر الجمع بين الضمانين فيجب الأكثر ويدخل الأقل فيه والله تعالى أعلم ولو كانت الجارية المغصوبة سرقت في يد الغاصب فردها على المالك فقطعت عنده يضمن الغاصب نصف قيمتها في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يضمن الا نقصان السرقة والكلام في هذه المسألة في الطرفين جميعا على نحو الكلام في المسألة الأولى الا ان أبا حنيفة رحمه الله اعتبر نقصان القطع ههنا ولم يعتبر نقصان عيب السرقة واعتبر نقصان عيب الزنا هناك لان نقصان القطع يكون أكثر من نقصان السرقة ظاهرا وغالبا فدخل الأقل في الأكثر بخلاف نقصان عيب الزنا لأنه قد يكون أكثر من نقصان الضرب لذلك اختلف اعتباره والله سبحانه وتعالى أعلم ولو حمت الجارية المغصوبة في يد الغاصب فردها على المولى فماتت في يده من الحمى التي كانت في يد الغاصب لم يضمن الغاصب الا ما نقصها الحمى في قولهم جميعا لان الموت يحصل بالآلام التي لا تتحملها النفس وانها تحدث شيئا فشيئا إلى أن يتناهى فلم يكن الموت حاصلا بسبب كان في ضمان الغاصب فلا يضمن الا قدر نقصان الحمى ولو غصب جارية محمومة أو حبلى أو بها جراحة أو مرض آخر سوى الحمى فماتت من ذلك في يد الغاصب فهو ضامن لقيمتها وبها ذلك فرق بين هذا وبين ما إذا ماتت في يد المولى بحبل كان في يد الغاصب حيث جعل هنالك موتها في يد المالك كموتها في يد الغاصب ولم يجعل ههنا موتها في يد الغاصب كموتها في يد المالك (ووجه) الفرق ان الهلاك هناك حصل بسبب كان في ضمان الغاصب وهو الحبل لأنه يفضى إليه فأضيف إليه كأنه حصل في يده فتبين ان الرد لم يصح لعدم شرط الصحة على ما بينا والهلاك ههنا ان حصل بسبب كان في يد المولى لكن لم يحصل بسبب كان في ضمانه لان الحبل لم يكن مضمونا عليه فإذا غصبها فقد صارت مضمونة بالغصب لان انعقاد سبب الهلاك لا يمنع دخولها في ضمان الغاصب لان وجوب ضمان الغصب لا يقف على فعل الغاصب فإذا هلك في يده تقرر الضمان لكن منقوصا بما بها من المرض ونحوه لأنها لم تدخل في ضمان الغصب الا كذلك والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا يخرج ما إذا غصب جارية سمينة فهزلت في يد الغاصب ان عليه نقصان الهزال ولو عادت سمينة في يده فردها لا شئ عليه لان نقصان الهزال انجبر بالسمن فصار كان لم يكن أصلا وكذا إذا قلعت سنها في يده فنبتت فردها لأنها لما نبتت ثانيا جعل كأنها لم تقلع وكذا إذا قطعت يدها في يده فردها مع الأرش لما قلنا والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا يخرج نقصان الولادة انه مضمون على الغاصب لفوات جزء من المغصوب بالولادة الا إذا كان له جابر فينعدم الفوات من حيث المعنى وجملة الكلام في الجارية المغصوبة إذا نقصتها الولادة ان الامر لا يخلو اما إن كان الام أو الولد جميعا قائمين في يد الغاصب واما ان هلكا جميعا في يده واما ان هلك أحدهما وبقى الآخر فإن كانا قائمين ردهما على المغصوب منه ثم ينظر إن كان في قيمة الولد وفاء لنقصان الولادة انجبر به ولا شئ على الغاصب وان لم يكن في قيمته وفاء بالنقصان انجبر بقدره وضمن الباقي استحسانا وهو قول أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم والقياس ان لا يجوز وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله ولو لم يكن في الولد وفاء بالنقصان وقت الرد ثم حصل به وفاء بعد الرد لم يعتبر ذلك لان الزيادة لم تحصل في ضمان الغاصب فلا تصلح لجبر النقصان وقالوا إن نقصان الحبل على هذا الخلاف بان غصب جارية حائلا فحملت في يد الغاصب فردها إلى المالك فولدت عنده ونقصتها الولادة وفى الولد وفاء لا يضمن الغاصب شيئا خلافا لزفر رحمه الله وعلى هذا الخلاف إذا بيعت بيعا فاسدا وهي حامل فولدت في يد المشترى ونقصتها الولادة وفى الولد وفاء فرد المشترى الجارية مع الولد إلى البائع انه لا يضمن شيئا خلافا لزفر وعلى هذا الخلاف إذا كان له جارية للتجارة فحال عليها الحول وقيمتها ألف درهم فولدت فنقصتها الولادة مائتي درهم وفى الولد وفاء بالنقصان انه يبقى الواجب في جميع الألف ولا يسقط منه شئ وعند
(١٥٧)