البناء أو جاء سيل فذهب بالبناء والأشجار أو غلب الماء على الأرض فبقيت تحت الماء انه لا ضمان عليه في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وأبى يوسف الآخر وعند محمد وهو قول أبى يوسف الأول يضمن وهو قول الشافعي رحمه الله أما الشافعي فقد مر على أصله في تحديد الغصب انه اثبات اليد على مال الغير بغير اذن مالكه وهذا يوجد في العقار كما يوجد في المنقول وأما محمد رحمه الله تعالى فقد مر على أصله في حد الغصب انه إزالة يد المالك عن ماله والفعل في المال ليس بشرط وقد وجد تفويت يد المالك عن العقار لان ذلك عبارة عن اخراج المال من أن يكون منتفعا به في حق المالك أو اعجاز المالك عن الانتفاع به وهذا كما يوجد في المنقول يوجد في العقار فيتحقق الغصب والدليل عليه مسألة ذكرناها في الرجوع عن الشهادات وهي ان من ادعى على آخر دارا فأنكر المدعى عليه فأقام المدعى شاهدين وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا يضمنان كما لو كانت الدعوى في المنقول فقد سوى بين العقار والمنقول في ضمان الرجوع فدل ان الغصب الموجب للضمان يتحقق فيهما جميعا وأما أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله فمرا على أصلهما ان الغصب إزالة يد المالك عن ماله بفعل في المال ولم يوجد في العقار والدليل على أن هذا شرط تحقق الغصب الاستدلال بضمان الغصب فان أخذ الضمان من الغاصب تفويت يده عنه بفعل في الضمان فيستدعى وجود مثله منه في المغصوب ليكون اعتداء بالمثل وعلى أنهما ان سلما تحقق الغصب في العقار فالأصل في الغصب أن لا يكون سببا لوجوب الضمان لان أخذ الضمان من الغاصب اتلاف ماله عليه ألا ترى أنه تزول يده وملكه عن الضمان فيستدعى وجود الاتلاف منه اما حقيقة أو تقديرا لان الله سبحانه وتعالى لم يشرع الاعتداء الا بالمثل قال الله سبحانه وتعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ولم يوجد ههنا الاتلاف من الغاصب لا حقيقة ولا تقديرا أما الحقيقة فظاهرة وأما التقدير فلان ذلك بالنقل والتحويل والتغييب عن المالك على وجه لا يقف على مكانه ولهذا لو حبس رجلا حتى ضاعت مواشيه وفسد زرعه لا ضمان عليه والعقار لا يحتمل النقل والتحويل فلم يوجد الاتلاف حقيقة وتقديرا فينتفى الضمان لضرورة النص وعلى هذا الاختلاف إذا غصب عقارا فجاء انسان فأتلفه فالضمان على المتلف عندهما لأن الغصب لا يتحقق في العقار فيعتبر الاتلاف وعند محمد يتحقق الغصب فيه فيتخير المالك فان اختار تضمين الغاصب فالغاصب يرجع بالضمان على المتلف وان اختار تضمين المتلف لا يرجع على أحد لأنه ضمن بفعل نفسه (وأما) مسألة الرجوع عن الشهادة فمن أصحابنا من منعها وقال إن محمد رحمه الله بنى الجواب على أصل نفسه فاما على قولهما فلا يضمنان ومنهم من سلم ولا بأس بالتسليم لان ضمان الرجوع ضمان اتلاف لا ضمان غصب والعقار مضمون بالاتلاف بلا خلاف وعلى هذا يخرج ما إذا غصب صبيا حرا من أهله فمات في يده من غير آفة اصابته بان مرض في يده فمات أنه لا يضمن لان كون المغصوب مالا شرط تحقق الغصب والحر ليس بمال ولو مات في يده بآفة فان عقره أسد أو نهشته حية ونحو ذلك يضمن لوجود الاتلاف منه تسبيبا والحر يضمن بالاتلاف مباشرة وتسبيبا على ما نذكره في مسائل الاتلاف إن شاء الله تعالى ولو غصب مدبرا فهلك في يده يضمن لان المدبر مال متقوم الا انه امتنع جواز بيعه إذا كان مدبرا مطلقا مع كونه مالا متقوما لانعقاد سبب الحرية للحال وفى البيع ابطال السبب على ما عرف وكذلك لو غصب مكاتبا فهلك في يده لأنه عبد ما بقي عليه درهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان مالا متقوما ومعتق البعض بمنزلة المكاتب على أصل أبي حنيفة فكان مضمونا بالغصب كالمكاتب وعلى أصلهما هو حر عليه دين والحر لا يضمن بالغصب ولو غصب أم ولد انسان فهلكت عنده لم يضمن عند أبي حنيفة رضي الله عنه وعندهما يضمن وأم الولد لا تضمن بالغصب ولا بالقبض في البيع الفاسد ولا بالاعتاق كجارية بين رجلين جاءت بولد فادعياه جميعا ثم أعتقها أحدهما لا يضمن لشريكه شيئا ولا تسعى هي في شئ أيضا عنده وعندهما يضمن في ذلك كله كالمدبر ولقب المسألة ان أم الولد هل هي متقومة من حيث إنها مال أم لا ولا خلاف انها متقومة بالقتل ولا خلاف في أن المدبر متقوم (وجه) قولهما انها كانت مالا متقوما والاستيلاد لا يوجب المالية والتقوم انه
(١٤٦)